بعض الناس يعتقدون أن الوحدة تعنـي أن يعيش الإنسان وحيداً،
في حين أن الإنسان المستأنس بالله في كل لحظة أيقن وعرف
أن هذا ليس هو مفهوم الوحدة أو الغربة ،
فإن الشعور بالوحدة هو فراغ القلب من حب الله . .
والشعور بالغربة هو فراغ القلب من الأنس بالله....
فإذا كان نعيم الجنة كله لا يساوي شيئا بالنسبة إلى لذة النظر إلى وجه الله الكريم
فكذلك نعيم الدنيا لايساوي شيئا مقارنة بنعيم الأنس بالله
((قال الله عزَّ وجلَّ:
أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني،
والله، لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة،
ومن تقرَّب إلي شبرًا، تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرَّب إلي ذراعًا، تقربت إليه باعًا،
وإذا أقبل إليَّ يمشي، أقبلت إليه أهرول)) رواه الشيخان
قال إبراهيم بن أدهم:
أعلى الدَّرجات أنْ تنقطعَ إلى ربِّك ، وتستأنِسَ إليه بقلبِك ، وعقلك ،
وجميع جوارحك حتى لا ترجُو إلاَّ ربَّك ، ولا تخاف إلاَّ ذنبكَ وترسخ محبته في قلبك حتى لا تُؤْثِرَ عليها شيئاً ،
فإذا كنت كذلك لم تُبالِ في بَرٍّ كنت ، أو في بحرٍ ، أو في سَهْلٍ ، أو في جبلٍ ،
وكان شوقُك إلى لقاء الحبيب شوقَ الظمآن إلى الماء البارد ، وشوقَ الجائعِ إلى الطَّعام الطيب ،
ويكونُ ذكر الله عندكَ أحلى مِنَ العسل ،
وأحلى من المَاء العذبِ الصَّافي عند العطشان في اليوم الصَّائف .
وقيل لمالك بنِ مِغْول وهو جالسٌ في بيته وحده : ألا تستوحشُ ؟
فقال : ويستوحشُ مع الله أحدٌ ؟
وقال مسلم بنُ يسار : ما تلذَّذ المتلذِّذونَ بمثلِ الخَلْوةِ بمناجاةِ اللهِ - عز وجل.
قال أحد السلف : "
مساكين أهل الدنيا ، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل : وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله ، والأنس به ، والشوق إلى لقائه ، والتنعم بذكره وطاعته ".
- وقال الفضيل : طُوبى لمن استوحش مِنَ النَّاسِ ، وكان الله جليسَه
- وقال معروف لرجلٍ : توكَّل على الله حتّى يكونَ جليسَك وأنيسَك وموضعَ شكواكَ.
- وقال ذو النون : مِنْ علامات المحبِّين لله أنْ لا يأنَسُوا بسواه ، ولا يستوحشُوا معه.
- ثم قال: إذا سكنَ القلبَ حبُّ اللهِ تعالى ، أنِسَ بالله ؛ لأنَّ الله أجلُّ في صُدورِ العارفين أنْ يُحبُّوا سواه .
- قال ذو النون: من اشتغل قلبُه ولسانُه بالذِّكر ، قذف الله في قلبه نورَ الاشتياق إليه.
الذكر لذَّة قلوب العارفين . قال -عز وجل -:
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } .
- قال مالك بنُ دينار : ما تلذَّذ المتلذذون بمثل ذكر الله - عز وجل - .
- قال ذو النون : ما طابتِ الدنيا إلا بذكره ، ولا طابت الآخرةُ إلا بعفوه ، ولا طابت الجنَّة إلاّ برؤيته.
- قال ابن رجب: المحبون يستوحشون من كلِّ شاغلٍ يَشغَلُ عن الذكر ، فلا شيءَ أحبَّ إليهم من الخلوة بحبيبهم
- قال ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه.
اللهم أرزقنا الأنس بك