قال الله تعالى من سورة الحجرات قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ================== قَوْله : ( الْمُسْلِم ) قِيلَ الْأَلِف وَاللَّام فِيهِ لِلْكَمَالِ نَحْو زَيْد الرَّجُل أَيْ : الْكَامِل فِي الرُّجُولِيَّة . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِم أَنَّ مَنْ اِتَّصَفَ بِهَذَا خَاصَّة كَانَ كَامِلًا . وَيُجَاب بِأَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ مُرَاعَاة بَاقِي الْأَرْكَان , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد أَفْضَل الْمُسْلِمِينَ مَنْ جَمَعَ إِلَى أَدَاء حُقُوق اللَّه تَعَالَى أَدَاء حُقُوق الْمُسْلِمِينَ . اِنْتَهَى . وَإِثْبَات اِسْم الشَّيْء عَلَى مَعْنَى إِثْبَات الْكَمَال لَهُ مُسْتَفِيض فِي كَلَامهمْ , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِذَلِكَ أَنْ يُبَيِّن عَلَامَة الْمُسْلِم الَّتِي يُسْتَدَلّ بِهَا عَلَى إِسْلَامه وَهِيَ سَلَامَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ لِسَانه وَيَده , كَمَا ذُكِرَ مِثْله فِي عَلَامَة الْمُنَافِق . وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِذَلِكَ الْإِشَارَة إِلَى الْحَثّ عَلَى حُسْن مُعَامَلَة الْعَبْد مَعَ رَبّه لِأَنَّهُ إِذَا أَحْسَنَ مُعَامَلَة إِخْوَانه فَأَوْلَى أَنْ يُحْسِن مُعَامَلَة رَبّه , مِنْ بَاب التَّنْبِيه بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى . ( تَنْبِيه ) : ذِكْر الْمُسْلِمِينَ هُنَا خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب ; لِأَنَّ مُحَافَظَة الْمُسْلِم عَلَى كَفّ الْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِم أَشَدّ تَأْكِيدًا ; وَلِأَنَّ الْكُفَّار بِصَدَدِ أَنْ يُقَاتِلُوا وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحِبّ الْكَفّ عَنْهُ . وَالْإِتْيَان بِجَمْعِ التَّذْكِير لِلتَّغْلِيبِ , فَإِنَّ الْمُسْلِمَات يَدْخُلْنَ فِي ذَلِكَ . وَخَصَّ اللِّسَان بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الْمُعَبِّر عَمَّا فِي النَّفْس , وَهَكَذَا الْيَد لِأَنَّ أَكْثَر الْأَفْعَال بِهَا , وَالْحَدِيث عَامّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللِّسَان دُون الْيَد ; لِأَنَّ اللِّسَان يُمْكِنهُ الْقَوْل فِي الْمَاضِينَ وَالْمَوْجُودِينَ وَالْحَادِثِينَ بَعْد , بِخِلَافِ الْيَد , نَعَمْ يُمْكِن أَنْ تُشَارِك اللِّسَان فِي ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ , وَإِنَّ أَثَرهَا فِي ذَلِكَ لَعَظِيم . وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَرْعًا تَعَاطِي الضَّرْب بِالْيَدِ فِي إِقَامَة الْحُدُود وَالتَّعَازِيرِ عَلَى الْمُسْلِم الْمُسْتَحِقّ لِذَلِكَ . وَفِي التَّعْبِير بِاللِّسَانِ دُون الْقَوْل نُكْتَة , فَيَدْخُل فِيهِ مَنْ أَخْرَجَ لِسَانه عَلَى سَبِيل الِاسْتِهْزَاء . وَفِي ذِكْر الْيَد دُون غَيْرهَا مِنْ الْجَوَارِح نُكْتَة , فَيَدْخُل فِيهَا الْيَد الْمَعْنَوِيَّة كَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقّ الْغَيْر بِغَيْرِ حَقّ من هو المؤمن : ان المؤمن هو ذلك الانسان الذي آمن بالرسالة ، والقرآن والايات الالهية ، وهو بأيمانه هذا باستطاعتــه ان يتغلب على هوى النفس وشهواتها ، فقد تمكن من نفسه ، وترفع عن ذاته ، فملك زمامها ، فالذي يوجهه في حركته وسعيه هو العقل ، والطاقة التي تسيره هي الارادة ، فالعقل - اذن - هو مطية المؤمن ، والارادة قوته ، وبناء على ذلك فان الايات موجهة للمؤمنين . ومـــن ذلك نستنتج اننا بحاجة الى امرين مهمين هما ؛ الايمان وهو الاخذ بزمام النفس والسيطرة على شهواتها ، واليقين وهو الانسجام والعيش باستقرار وطمأنينة مع الحقائق والتبصر بها والانشداد اليها . والانسان عندما يخضع نفسه ويسيرها وفق العقل فانه سيصبح مؤمنا ، وبعد هذه المرحلة يتحرك في المسار التكاملي نحو الحقائق الرفيعة ، وحين يقترب منها يكون قد بلغ درجة اليقين . اذن فاليقين هو ضياء ينبعث على قلب الانسان ، وهذا الضياء قد تتلقاه بعض القلوب لفترة ، ثم يبدأ بالانحسار عنها شيئا فشيئا حيث تهبط درجة اليقين ، وفي المقابل نجد ان هناك قلوبا تحتفظ بهذا الضياء ليبقى فيها طاقة كامنة مخزونة ؛ فالقلوب الاولى هي كأرض ملساء ، او صخرة صلدة لا تحتفظ بالمطر اذا ما هطل عليها ، في حين ان الثانية مثلها كمثل الارض الطيبة الخصبة تمتص ماء المطر ، وتحتفظ به ليبعث فيها الروح والحياة .
اعرف نفسك هل انت مسلم او مؤمن او كليهما او بعيد عنهما --------------------------------------------------------------------------------
عاطف الجراح- المشرف المميز
- الساعة الآن :
العمر : 48
العمل : باحث استراتيجي
الهوايات : السباحه والمطالعه
رقم العضوية : 373
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
عدد الرسائل : 227
البلد : المدينة : الاردن عمان
علم بلدك :
الاوسمة :
دعاء :