من طرف أعلام في زمن الصبا (علي بن أبي طالب -2
=كتبه/ مصطفى دياب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
لقد كان عليّّ -رضي الله عنه- منذ صباه عاقلاً شجاعاً وفياً ذو قلب نقي، جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد إسلام خديجة -رضي الله عنها-
فوجدهما يصليان, فقال على:
ما هذا يا محمد؟، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
"دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسله,
فأدعوك إلى الله وحده وإلى عبادته وتكفر باللات والعزى، فقال له عليّ:
"هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب
فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أن يفشي عليّاً سره قبل أن يستعلن أمره, فقال له:
"يا عليّ إذا لم تسلم فاكتم"،
فمكث عليّ تلك الليلة,
ثم إن الله أوقع في قلب عليّ الإسلام,
فأصبح غادياً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى جاءه فقال:
"اعرض علَىّ يا محمد؟
فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"تشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وتكفر باللات والعزى, وتبرأ من الأنداد
ففعل عليّ وأسلم،
ومكث عليٌّ يأتيه على خوف من أبي طالب وكتم علي ـ رضي الله عنه ـ
إسلامه ولم يظهر به،
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم-
إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه على بن أبي طالب مستخفياً من أبيه وأعمامه وسائر قومه, يصليان فإذا أمسيا رجعاً
أخي فتى الإسلام قف وتدبر هذا الموقف وتأمل ما فيه من الفوائد الإيجابية :-
رجاحة عقل عليّ -رضي الله عنه- إذ ميّز أن ما عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- يخالف دين الآباء فقال:
"ما هذا يا محمد؟
- يجب على العبد إذا رأى ما يجهل أن يسال عنه حتى يتعلم
وضوح دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- منذ اليوم الأول، توحيد الله وكفر بالطاغوت.
الرجوع إلى الأكبر والأكثر خبرة لسؤاله قبل العزم على ما تجهل -فلستُ بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب
حفظ السر خاصة إذا طلب منك ذلك
التفكير فيما يعرض على المرء، إن خيراً أمضاه، وإن شراً تنحى عنه
سرعة دراسة الأمور وأخذ القرار قبل فوات الأوان، فقد أصبح علياً لسبقه أول من آمن من الصبيان
الحرص على الطاعة -خاصة الصلاة- مع ما يحضرها من مخاطر
استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فقد ظل مستخفياً ممن يخاف أذاهم واضطهادهم
الحرص على مرافقه الداعي إلى الله والتعلم منه
الححرص على مرافقه أهل الصلاح والتأدب بآدابهم والتعلم من علمهم.
وبعد
فهذا موقف مشرف من مواقف عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ في صباه
فإلى اللقاء في موقف آخر إن شاء الله
وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
