سلسلة الأعمال الكاملة ( د/مصطفى محمود )

أمريكا‏..‏ القطب الاوحد الذي يحكم العالم منفردا‏..‏ وفي يده سيف المعز وذهبه‏..‏ يحلو لها دائما ان تتكلم باسم العداله وان تصوغ افعالها باسم الدفاع عن الضعفاء ونصره الديمقراطيه ونجده الشعوب المهضومه وحقوق الانسان الضائعه‏..‏ ولكنا نري التحيز والكيل بمكيالين والنظر بالعين الحمرائ لواحد والتغاضي عن فظاعه واجرام الاخر‏..‏ احيانا بدرجه فاضحه‏..‏ فهي تثور وتهدد اندونيسيا من اجل ان ترفع يدها وتطلق سراح شعب تيمور الشرقيه‏(‏ ذي الاغلبيه المسيحيه‏)‏ المحتل من عشرين سنه وتتعامي تماما عما تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطيني المسلم من اذلال وطرد واباده ونهب للارض منذ مائه سنه‏..‏ وتتعامي عن جيش روسي جرار يمطر شعب الشيشان المسلم بالصواريخ‏,‏ ويدك بنيانه بالطائرات ويقتل المدنيين الابرياء بالالوف وتكتفي بلفت نظر لطيف خفيف‏..‏ وتقول مادلين اولبرايت انها تنظر الي روسيا نظرتها الي صديق تعتز بصداقته‏..‏ ياسلام‏..‏ تري لو القي الفلسطينيون قنبله واحده علي إسرائيل اكانت تعلق بمثل هذا اللطف وتشيد بالصداقه بكل هذه الدماثه والدم الخفيف ؟ والفلسطينيون عندهم عذرهم بعد اذلال وتجويع وطرد وقتل لمائه سنه‏..‏ مستحيل طبعا‏..‏ فالعداله المزعومه التي تحكم بها هي عداله عمياء لاتري الا المصالح التي تهمها‏..‏ وعين أمريكا الان علي بترول بحر قزوين وعلي تامين خطوط نقله وتريد اسكات هذا الشغب الذي تقوم به الشيشان وتري ان ماتفعله في مصلحتها وان ماتقوم به الاله الروسيه الجهنميه باباده المسلمين سوف يعفيها من اعبائ ثقيله‏..‏ وتفضل السيده اولبرايت ان يقوم بهذه العمليه القذره الاصدقائ الروس‏..‏ وهي تشيد بهذه الصداقه ولاشك فهي تعفيها من امثال هذه المهمات‏.‏ واين العداله الامريكيه في تجويع الشعب العراقي واذلاله وتدمير ثرواته وهدم مدنه وقتل اطفاله ومطاردته بالعقوبات وبالجواسيس وبامثال المفتش بتلر الذي يختلق له كل يوم تهمه جديده‏.‏ انه البترول مره اخري‏..‏ وهو البترول العراقي هذه المره المطلوب ان يظل تحت التسعير الجبري الي ماشائ الله‏.‏ انها المصالح حينما ترتدي ثياب العداله‏.‏ والمظالم حينما تاخذ شكل الضرورات السياسيه‏.‏ ومادامت أمريكا هي اقوي الكل‏..‏ فمن يقف امامها؟ ومن يسائلها وفي يدها سيف المعز وذهبه ودفتر الهبات والمعونات‏.‏؟ اما صدام فقد استعملته أمريكا بما يكفي وجائ وقت الخلاص منه‏..‏ فلا مانع من ان تحرك المعارضه العراقيه وتعاونها بالمال والسلاح‏..‏ ليكون القضائ علي صدام في صوره ديمقراطيه مقبوله وفي شكل تصفيات يقوم بها اصحابها واهلها دون ان تلوث يدها او تشوب ضميرها شائبه‏..‏ وكلما اختلف الورثه علي حكم العراق واقتتلوا كانت القلاقل والخلافات في صالحها‏,‏ فالمطلوب ان يظل العراق ضعيفا وتابعا‏.‏ واسرائيل ولاشك ستكون اسعد الناس بمحو العراق من خريطه القوي الفاعله في المنطقه فمعناها انه لن يظهر بختنصر جديد ولن يتكرر السبي البابلي في تاريخ إسرائيل كما حدث في القديم‏.‏ واسقاط الفاعليه العراقيه سوف يخلص إسرائيل من صداع يورقها وسوف يطلق يدها باطمئنان أكثر وبحريه أكثر لتفسد في المنطقه كما تريد‏..‏ فلن يبقي من العرب الا اهل السياسه والكياسه والقمه العربيه العاجزه وهي وان اجتمعت لن تخرج منها الا تصريحات وشعارات وخطب بليغه وقرارات لها طنين ورنين ولكنها لاتغير شيئا‏.‏ هكذا تفكر إسرائيل‏..‏ وهكذا يفكر الامريكان وهكذا يبدو الامر في الظاهر من واقع الاوراق التي في ايدي اللاعبين المشتركين في لعبه الشرق الأوسط‏..‏ الولد يقش‏.‏ والولد الذكي هو باراك ومن ورائه بيريز ودهاقنه السياسه والمكر في إسرائيل‏.‏ فهل يصدق عليهم ابليس ظنه وهل تصدق البروتوكولات؟‏!!‏ وهل تتحقق امال الصهاينه؟‏!!‏ لا اظن فرغم ان هذا مايبدو من واقع الاوراق التي في ايدي اللاعبين الجالسين حول المائده‏..‏ ان إسرائيل هي الفائزه في اللعبه لامحاله‏.‏ الا ان هناك جوكر غير محسوب اسمه الغيب في الاعماق الايمانيه لكل مسلم‏..‏ فالمستقبل لايمكن التنبو به علي وجه التمام والكمال وانما تظل هناك مساحه مجهوله لايعلمها الا عالم الغيب‏.‏ ولهذا ينتهي لاعب القمار الي الافلاس والخراب ويطلق الرصاص علي راسه رغم ذكائه ويفاجا بما لايحتسب‏.‏ والمستقبل أكثر غموضا من لعبه الكارت بما لا يقاس‏.‏ ولم يظهر العقل الذي يحيط بالمستقبل‏..‏ ولا الاله التي تتنبا به ولاتعلم نفس ماذا تكسب غدا‏,‏ ولاتعلم نفس باي ارض تموت‏,‏ وسيظل هذا التحدي الالهي الي قيام الساعه‏.‏ وسينطبق هذا التحدي علي دهاقنه إسرائيل وعلي كتاب البروتوكولات وعلي كل من يخطط لدمار العالم ويتصور ان خطته لن تخيب‏..‏ ففوق كل ذي علم عليم‏..‏ وخطه الماضي والحاضر والمستقبل في يد صانع الزمان وحده وهو يمضي بها الي حيث يريد هو‏..‏ لا الي حيث نتمني نحن‏.‏ ويستوي في ذلك كلام المسلمين عن المهدي المنتظر وكلام النصاري عن هرمجدون وكلام شعب إسرائيل عن ملك اليهود‏..‏ المسيح الحقيقي‏..‏ النازل من السماء ليقودهم الي منصه الرياسه ومقعد الصدق ليدينوا العالم كله‏..‏ أحلام‏..‏ كلها أحلام واماني‏.‏ ولن يفوز بمقعد الصدق الا مقاتل من اهل الصدق من اهل لا اله الا الله‏..‏ الله اعلم به‏..‏ من هو‏..‏ ومتي ياتي‏..‏ وكيف ياتي‏.‏؟ ولن نعلم انه مهدي الا حينما يهديه ربه الي النصر حتي هو لن يعلم انه المهدي الا ساعتها‏.‏ الصدام وحده هو الذي سيفرز هذا الرجل وليست الدعاوي والاحلام والاماني الورديه‏.‏ ودون هذا اليوم اهوال ولانعلم انعيش لنراه‏..‏ ام انه لن ياتي في زماننا؟؟ ولكن احداث التاريخ ترتب لظهوره والمسرح السياسي يعد لمصادمات كبري‏.‏ وارجو ان نعي جيدا التحذير الذي جائنا في القران في سوره الممتحنه قال الله تعالي‏(‏ يا ايها الذين امنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم اوليائ تلقون اليهم بالموده وقد كفروا بما جائكم من الحق‏)1‏ ـ الممتحنه‏.‏ ‏(‏ان يثقفوكم يكونوا لكم اعدائ ويبسطوا اليكم ايديهم والسنتهم بالسوئ وودوا لو تكفرون‏)2‏ ـ الممتحنه ويتكرر التحذير في ختام السوره‏(‏ يا ايها الذين امنوا لاتتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الاخره كما يئس الكفار من اصحاب القبور‏)13‏ ـ الممتحنه والكلام عن اليهود وعن بني إسرائيل وينسحب علي جميع مسميات التطبيع يقول ربنا ان اي ثقه في هولائ الناس هي ثقه في غير محلها واي موالاه هي كارثه واي حلف هو نكبه والله هو الذي خلقهم‏..‏ وهو اعلم بهم والله يقول الحق وهو لايخاف احدا وليس مثلنا بحاجه الي المداراه والدبلوماسيه والبحث عن مبرر‏.‏ وعلي قياداتنا ان تعي هذا الكلام‏,‏ فهو كلام رب العالمين الذي بيده مصائر الامم والذي يعلم بداياتها ونهاياتها والذي بيده مقاليد كل حي فهو المبدئ والمعيد بكلمه‏,‏ وهو مالك يوم الدين ومالك عماره الكون علي اتساعها وخالق الزمان والمكان والابد‏.‏ والذي يسالني عن‏..‏ متي‏..‏ متي ياتي نصر الله‏..‏ متي يكون ذلك اليوم؟ اقول له حينما يريد الله سوف يهيئ الظروف وسوف يخلق الاسباب والمسببات وسوف يلهم العقول والقيادات وسوف يمكن لمن يريد فيما يريد‏,‏ ولا يبدو هذا اليوم في الافق المنظور القريب‏,‏ فامريكا في السماء وابناء صهيون في حجرها والعرب في الحضيض وفلسطين في حضيض الحضيض‏..‏ ومسلمو العالم تحت القهر‏.‏ واذا خرج علينا الان من يدعي انه المهدي المنتظر فنهايته المحتمله ستكون في مستشفي الامراض العقليه‏..‏ فالفجر له لوائح‏..‏ ولم تظهر لوائح الفجر بعد‏.‏ ولكنا نعيش علي ارض تدور‏..‏ ولاشيئ يبقي علي حاله‏..‏ الاقوياء لاتدوم لهم القوه والاغنياء لايدوم لهم الغني‏..‏ ولا امان لاحد في هذه الدنيا واين الفرس والروم والامم التي كانت لاتغيب عنها الشمس‏,‏ ان كاس الموت الدواره لاتعفي امه ولاتعفي فردا‏.‏ واسم الله الرافع الخافض سيظل يرفع ويخفض كل الرووس وكل الهامات‏..‏ والتغير هو الناموس الوحيد الذي له الدوام‏.‏ ولا تستعجل لهم‏.‏ هكذا نقول دائما كما علمنا ربنا‏..‏ فنهايتهم في الطريق فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعه من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون‏(35‏ ـ الاحقاف‏)‏ وقل اعملوا‏..‏ اعملوا‏..‏ اعملوا‏..‏ كلمه وحيده لكن فيها مفتاح كل الابواب والعمل هنا يعني معاني عديده‏..‏ فهو يعني العمل السياسي باقامه جبهه عربيه واحده يتوحد فيها الكيان العربي الممزق في وحده عضويه تقتضيها المصلحه العاجله والاخطار المحدقه بالكل‏..‏ ويعني العمل الاقتصادي بالتنميه الشامله والتصنيع المتطور‏..‏ ويعني النهوض بالعسكريه العربيه وكسر احتكار السلاح وتنويع مصادره‏..‏ وبالذات سلاح الصواريخ وكافه انواع اسلحه الرمي من بعد‏..‏ باعتباره سلاح المستقبل رقم واحد‏..‏ ويعني ايضا‏..‏ عوده الروح‏..‏ لتنبض في كل مناحي الحياه‏..‏ الروح بمعني العقيده واليقين في النصر والتفاول والشجاعه والحماس البنائ والايمان بالله والثقه في النفس‏..‏ وكل هذا سوف يحتاج الي اعلام مختلف وخطاب شبابي مختلف ودعوه دينيه مختلفه تخلو من الاستسلام والتواكل وتبث الهمه والامل في الاجيال الجديده‏.‏ وكل هذا لايمكن ان يتم في يوم وليله وانما سوف يحتاج الي مساحه زمنيه‏..‏ ربما عشر سنوات او أكثر‏..‏ شريطه ان تتغلب الحكومات الموجوده علي ازمه الثقه الموجوده بينها وبين الاسلاميين‏..‏ ويصبح الكل جبهه واحده تناضل في خندق واحد وترمي عدوا واحدا‏..‏ اما حاله التوجس الموجود وسوء الظن المتبادل فلن يودي الا الي مزيد من الفاقد في الطاقه‏..‏ وفي الزمن‏..‏ وفي الهدف‏..‏ وفي النتيجه التي لن تكون الا عده اصفار‏,‏ هذا ان لم تحدث النتيجه بالسالب تراجعا وانهزاما وضياعا للمال والارواح والارض والمستقبل‏.‏ ويخطيئ حكامنا اذا تصوروا ان إسرائيل ولدت لتكتفي بالرقعه المحدوده التي تقف عليها‏..‏ وانها لاهدف لها سوي السلام ومهادنه جيرانها‏..‏ كذب ساسه إسرائيل في هذا وكذبت كل تصريحاتهم‏..‏ فما ولدت إسرائيل الا لتغزو وتغزو وتغزو ما حولها وتوسع من رقعه الارض التي تملكها وتضاعف من المستوطنات التي تبنيها وتسيطر علي الشرق الأوسط وعلي موارده وثرواته‏.‏ والعرب لا وجود لهم في قاموسها الا بصفه كونهم اسواقا لمنتجاتها وخداما لمشاريعها وعملاء لمخططاتها وتابعين لاوامرها‏..‏ وقد اتخذت أمريكا حليفا قويا ليعينها علي هذه الاهداف‏.‏ انهم اعدائ ياساده‏..‏ بكل معاني العداوه والله هو الذي يتكلم حينما يقول جل من قائل يا ايها الذين امنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم اوليائ تلقون اليهم بالموده وقد كفروا بما جائكم من الحق‏(‏ المتحنه‏1).‏ يا ايها الذين امنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الاخره كما يئس الكفار من اصحاب القبور‏(‏ الممتحنه‏13).‏ والله هو الذي خلقهم وهو الذي يعلم سرهم ونجواهم‏..‏ وحينما يقول‏..‏ هم اعداوكم‏..‏ فان قوله الحق‏..‏ فهذا تاريخهم يدل عليهم‏..‏ وهذا سجلهم يحكي عنهم‏..‏ من مبتدا وعد بلفور المشئوم الي هجراتهم العدوانيه الي فلسطين الي سلسله المذابح الوحشيه التي بدات بمذبحه دير ياسين الي حرب‏1948‏ الي حرب‏1956‏ وحرب‏1967‏ وحرب‏1973‏ ومذبحه قانا الوحشيه في لبنان‏.‏ ومن فجر الحرب الاهليه في لبنان؟؟‏..‏ ومن اجج سعيرها واشعل اوارها بين نصاري لبنان وبين مسلميها ومن كان يوقد علي نيرانها كلمه خبت‏..‏ انها إسرائيل وجواسيسها وعملاوها وموسادها ورووس الفتنه من احبارها‏.‏ ومن جلب الترسانه النوويه والتهديد النووي الي المنطقه‏..‏؟ انها إسرائيل ومن قتل عالم الفيزياء الدكتور المشد‏..‏؟ انه الموساد الإسرائيلي‏.‏ ومن قتل دكتوره الفيزيائ النوويه سميره موسي‏..‏ ؟ انها الموساد الإسرائيلي‏.‏ ومن قتل الكونت برنادوت رسول السلام في فلسطين؟‏..‏ انه الارهاب الإسرائيلي‏.‏ ومن فجر البوينج المصريه بركابها‏..‏؟‏..‏ مجرد سوال؟ والشك طبيعي بل هو أكثر من محتمل ان السجل يزداد كل يوم صفحه سوداء جديده وعلامه استفهام جديده وملف السوابق الاجراميه لايوذن بانتهائ‏.‏ انهم يتحدثون عن السلام‏..‏ هذا صحيح‏..‏ واسرائيل لاتكف عن التشدق بالسلام وحسن الجوار‏..‏ ولكن هل توقفت القنابل الاسرائيليه عن السقوط علي جنوب لبنان‏.‏؟ انها مازالت تقصف الجنوب اللبناني حتي الامس‏.‏ وهل توقف القتل العشوائي لهذا الجار الحميم‏..‏؟ ابدا‏.‏ وهل توقفت إسرائيل عن بنائ المستوطنات واغتصاب المزيد من الارض الفلسطينيه كل يوم‏..‏ مطلقا‏.‏ وهل توقفت عن تحديث اسلحتها ومضاعفتها‏..‏؟؟‏!..‏ بالمره‏.‏ ماذا يمكن ان يكون شعور العرب وهو يرون انهم محاطون بالتهديد من كل جانب بترسانه الرعب النووي‏..‏؟‏!!‏ وما هو المطلوب بالضبط‏..‏ سلام‏..‏ ام اذعان‏..‏؟‏!!‏ وكيف تخلق سيكولوجيه الرعب سلاما سوي سلام الاذلاء المرعوبين‏..‏ عن اي تطبيع يتحدثون‏..‏؟‏!!‏ واي سلام يريدون؟ انها جمله اكاذيب افيقوا ياعرب من هذا الاسترخاء المترف من قبل ان يوذن الموذن بنهايتكم واجتمعوا علي كلمه‏..‏ ولاتلهيكم دنياكم عن يوم الفصل‏.‏ انها الاخره‏..‏ علي الابواب والموعد الله‏.‏

أهم كتبه :