معاني الوصية بكتاب الله عزوجل وأوجهها -الشيخ العلامة ابن عثيمين-
بوب البخاري في صحيحه : باب الوصية بكتاب الله عزوجل.
ثم أسند الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه قال :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى :
آوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
فَقَالَ : لَا.
فَقُلْتُ : كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ ؟! أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ ؟!
قَالَ : أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ.
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - في شرح " كتاب فضائل القرآن " من صحيح البخاري :
[ الوصاة بكتاب الله – عزوجل – تشمل وجوها كثيرة :
منها : الوصاة بحفظه حتى لا يضيع ، والحفظ نوعان : حفظ في الصدور ، وحفظ في المسطور يعني في الكتاب ، فعلى المسلمين أن ينفذوا وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – بحفظ القرآن في صدورهم ومسطورهم .
ثانيا : الوصية بتصديق أخباره ، فإنّ من كذّب خبرا من أخبار القرآن ، فإنه قد انتقص القرآن ، لأن الكذب من الأوصاف الذميمة ، القبيحة التي يستهجنها حتى الكفار في كفرهم .
ثالثا : الوصاة بالعمل به ، بحيث لا نهجره ، فإن هجر العمل بالقرآن هجرٌ للقرآن ، { وقال الرسول يا رب إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }.
رابعا : الدفاع عنه ، بحيث نرد تحريف المبطلين الذين يفسرون القرآن بآرائهم ، وأهوائهم ، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ، والعياذ بالله .
خامسا : بإكرامه وتعظيمه ، بحيث لا نضعه في مكان يُمتهن ، وإذا وجدناه في مكان يحتمل الامتهان رفعناه ، فهذا لا شك من الوصية به .
وكذلك من إكرامه ألا نرضى أن أحدا يقوم بتمزيقه ، وإتلافه ، كأنما هو عنده خرقة يقطّعها كما يشاء!.
ومن إكرامه أيضا ألا نسمح لأنفسنا ولا لغيرنا بأن يصيبه أذى أو قذر ، كالنجاسة وشبهها ، فإذا قُدّر أن سقط عليه نجاسة فإننا نزيلها عنه ، ونحميه منها .
ومن تعظيمه أيضا ألا نمسه إلا على طهر ، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : (( لا يمس القرآن إلا طاهر )) .
كلُّ هذا داخل في وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – إيانا لكتاب الله .
إذا تأملت هذه المسألة ، وعِظَمها استعظَمْتها في نفسك ، أن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصاك وصية خاصة بكتاب الله عزوجل ، من هذه الوجوه و من غيرها أيضا ، فالزم هذه الوصية واعمل بها ، واحترم كلام الله عزوجل .
ومن ذلك أيضا ألا نتخذه هزوا ولعبا ، بحيث نجعله بدلا من كلامنا ! ، مثل لو استأذن عليك مُسْتأذِن ، قلت : " ادخلوها بسلام آمنين !".
اسم ابنك يحيى ، إذا خاطبته قلت : "يا يحيى خذ الكتاب بقوة !".. وهكذا.
فإنَّ جَعْل القرآن بدلا من الكلام محرم ، لما في ذلك من ابتذال للقرآن وامتهانه.
ومن هذا أيضا ، ما يفعله بعض الناس ، يكتب القرآن في الأواني ، أو في المناديل ، أو على ألحِفة الموتى! ، أو ما أشبه ذلك ، فإن هذا كله من امتهان القرآن ؛ فالأواني مثلا تُرمى ، يرميها الطفل ، وربما يرميها الكبير أيضا ، وتُمْتهن بالشرب بها ، وما أشبه ذلك .
وتلحيف الموتى بها ، أيضا امتهان ، لأن الميت ليس أكرم من الحي ، وكل أحد يستقبح أن يجعل الحيُّ اللحافَ ، لحافَه الذي يتغطى به عند النوم مكتوبا عليه شيئا من كلام الله ، فالميت من باب أوْلى ، والميت لا ينتفع بهذا ، ولا بقراءة القرآن عنده ، لأنه ليس حيا يستمع فينتفع ، أو يقرأ فينتفع ، بل هو ميت .
المهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أوصانا بكتاب الله - .
من الوصية:
سادسا : أن نحرص على فهم معانيه ، وتدبرها ، لأن القرآن إنما نزل لذلك في الواقع ؛ (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته )) ، ولأنه لا يمكن العمل به حقيقة إلا بالتدبر ،إذ أنك إن لم تتدبره لم تفهم معانيَه ، وإذا لم تفهم معانيه فكيف يمكن أن تعمل به؟! .
وكذلك في الأخبار لا يمكن أن تنتفع بالقسط أو الخبر إلا إذا فهمت المعنى ؛ وقد مر معنا في العام الماضي في رسالة (أصول التفسير) ، التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - ، قال : إن الناس لو كُلّفوا بقراءة كتاب من الطب أو من النحو ، هل يقرؤونه هكذا ؟ أو يستشرحونه ويبحثون في معناه حتى يستفيدوا منه ؟
الثاني ، إذن فكتاب الله من باب أولى ، أن نحرص عليه ، وأن نتفهم معانيه في أخباره ، وأحكامه ].
انتهى من (شرح كتاب فضائل القرآن) من صحيح البخاري. شريط (3).
بوب البخاري في صحيحه : باب الوصية بكتاب الله عزوجل.
ثم أسند الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه قال :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى :
آوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
فَقَالَ : لَا.
فَقُلْتُ : كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ ؟! أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ ؟!
قَالَ : أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ.
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - في شرح " كتاب فضائل القرآن " من صحيح البخاري :
[ الوصاة بكتاب الله – عزوجل – تشمل وجوها كثيرة :
منها : الوصاة بحفظه حتى لا يضيع ، والحفظ نوعان : حفظ في الصدور ، وحفظ في المسطور يعني في الكتاب ، فعلى المسلمين أن ينفذوا وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – بحفظ القرآن في صدورهم ومسطورهم .
ثانيا : الوصية بتصديق أخباره ، فإنّ من كذّب خبرا من أخبار القرآن ، فإنه قد انتقص القرآن ، لأن الكذب من الأوصاف الذميمة ، القبيحة التي يستهجنها حتى الكفار في كفرهم .
ثالثا : الوصاة بالعمل به ، بحيث لا نهجره ، فإن هجر العمل بالقرآن هجرٌ للقرآن ، { وقال الرسول يا رب إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }.
رابعا : الدفاع عنه ، بحيث نرد تحريف المبطلين الذين يفسرون القرآن بآرائهم ، وأهوائهم ، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ، والعياذ بالله .
خامسا : بإكرامه وتعظيمه ، بحيث لا نضعه في مكان يُمتهن ، وإذا وجدناه في مكان يحتمل الامتهان رفعناه ، فهذا لا شك من الوصية به .
وكذلك من إكرامه ألا نرضى أن أحدا يقوم بتمزيقه ، وإتلافه ، كأنما هو عنده خرقة يقطّعها كما يشاء!.
ومن إكرامه أيضا ألا نسمح لأنفسنا ولا لغيرنا بأن يصيبه أذى أو قذر ، كالنجاسة وشبهها ، فإذا قُدّر أن سقط عليه نجاسة فإننا نزيلها عنه ، ونحميه منها .
ومن تعظيمه أيضا ألا نمسه إلا على طهر ، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : (( لا يمس القرآن إلا طاهر )) .
كلُّ هذا داخل في وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – إيانا لكتاب الله .
إذا تأملت هذه المسألة ، وعِظَمها استعظَمْتها في نفسك ، أن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصاك وصية خاصة بكتاب الله عزوجل ، من هذه الوجوه و من غيرها أيضا ، فالزم هذه الوصية واعمل بها ، واحترم كلام الله عزوجل .
ومن ذلك أيضا ألا نتخذه هزوا ولعبا ، بحيث نجعله بدلا من كلامنا ! ، مثل لو استأذن عليك مُسْتأذِن ، قلت : " ادخلوها بسلام آمنين !".
اسم ابنك يحيى ، إذا خاطبته قلت : "يا يحيى خذ الكتاب بقوة !".. وهكذا.
فإنَّ جَعْل القرآن بدلا من الكلام محرم ، لما في ذلك من ابتذال للقرآن وامتهانه.
ومن هذا أيضا ، ما يفعله بعض الناس ، يكتب القرآن في الأواني ، أو في المناديل ، أو على ألحِفة الموتى! ، أو ما أشبه ذلك ، فإن هذا كله من امتهان القرآن ؛ فالأواني مثلا تُرمى ، يرميها الطفل ، وربما يرميها الكبير أيضا ، وتُمْتهن بالشرب بها ، وما أشبه ذلك .
وتلحيف الموتى بها ، أيضا امتهان ، لأن الميت ليس أكرم من الحي ، وكل أحد يستقبح أن يجعل الحيُّ اللحافَ ، لحافَه الذي يتغطى به عند النوم مكتوبا عليه شيئا من كلام الله ، فالميت من باب أوْلى ، والميت لا ينتفع بهذا ، ولا بقراءة القرآن عنده ، لأنه ليس حيا يستمع فينتفع ، أو يقرأ فينتفع ، بل هو ميت .
المهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أوصانا بكتاب الله - .
من الوصية:
سادسا : أن نحرص على فهم معانيه ، وتدبرها ، لأن القرآن إنما نزل لذلك في الواقع ؛ (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته )) ، ولأنه لا يمكن العمل به حقيقة إلا بالتدبر ،إذ أنك إن لم تتدبره لم تفهم معانيَه ، وإذا لم تفهم معانيه فكيف يمكن أن تعمل به؟! .
وكذلك في الأخبار لا يمكن أن تنتفع بالقسط أو الخبر إلا إذا فهمت المعنى ؛ وقد مر معنا في العام الماضي في رسالة (أصول التفسير) ، التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - ، قال : إن الناس لو كُلّفوا بقراءة كتاب من الطب أو من النحو ، هل يقرؤونه هكذا ؟ أو يستشرحونه ويبحثون في معناه حتى يستفيدوا منه ؟
الثاني ، إذن فكتاب الله من باب أولى ، أن نحرص عليه ، وأن نتفهم معانيه في أخباره ، وأحكامه ].
انتهى من (شرح كتاب فضائل القرآن) من صحيح البخاري. شريط (3).