- القيادة عملية فطرية ترجع للجينات الوراثية
- الطفل المنقاد يستحيل أن يتحوَّل إلى قائد
تحقيق- مروة مصطفى
هل طفلك قائد رأي؟ هل له دور في اتخاذ القرارات؟ هل يطلب منك الاستماع إليه؟ هل يدافع عن فكرته حتى تقتنعي بها؟ أم أنه مسالم ومطيع ولا يخالفك؟ إذا كان من النوع الأول فأبشري، ففي بيتك قائد، وإن كان من النوع الثاني فلتأخذي بيده؛ ليصبح شخصيةً قياديةً، أو على الأقل ليستقل بنفسه ولا تتكرر معه مشكلة صفاء أيمن- تلميذة في الصف الثالث الابتدائي- التي بدأت مشكلتها تظهر بالانقياد الشديد لزميلتها والتقليد الأعمى لها، حتى إن هذه الصديقة علَّمتها السرقة!!
ورغم عقاب الأسرة لصفاء، إلا أنهم يعانون من مشكلة ابنتهم مع السرقة، والمشكلة الكبرى في انقيادها للصديقة الفاشلة، التي تتواصل معها رغم العقاب الشديد، فما زالت المشكلة مستمرة.
وأيضًا علي ناصر (6 سنوات)، بدأت أمه تلاحظ التأثير القويَّ لأخته عليه، تضربه وتأمره ويستجيب، رغم عمرها الذي لم يتجاوز 4 سنوات، تتساءل أمه: ماذا أفعل مع ابني ليصبح شخصيةً قويةً قياديةً؟!
هذه نماذج لحالات الطفل الذي لا يصلح أن يكون قائدًا.
ولننتقل إلى نماذج أخرى، مثل منة الله مصطفى (طالبة بكلية الهندسة)، وهي تسترجع معنا أيام طفولتها، عندما كانت قياديةً في المراحل الأولى لدراستها، وكانت زميلاتها يتقدمْن لها لتصحيح الواجبات المدرسية لهم، واستمرت قياديةً في كل مراحل حياتها.
وترى أن السبب في ذلك هو حبُّهم لها، ولكنها في الجامعة تجد نفسها منقادةً لمن ترى في رأيه الأصلح؛ لذلك تقول إن القيادة موقفٌ يفرض نفسه.
وعندما درست الحالة وجدته شخصيةً ضعيفةً غير واثق بنفسه، يلجأ للحِيَل الدفاعية، مثل الإسقاط أي إيقاع الخطأ على غيره، والتبرير أي شرح كل موقف حتى لو لم يكن يحتاج لذلك؛ ولأنها تعلم أن العلاج يحتاج إلى تعاون الأسرة مع الأخصائي تقويمًا لسلوك التلميذ، ذهبت إليهم، وتحدثت معهم عن حالة ابنهم، ولكنهم لم يتعاونوا معها، وأنكروا حالته، ولكنها لم تيأس، فجمعت معلوماتٍ من أصدقائه وجيرانه بطريق غير مباشر، وتوصلت إلى الآتي:
الأب دوره غائب عن الأسرة اجتماعيًّا.. أما الأم فشخصية متسلِّطة، والأخ الأصغر كانت شخصيته أقوى نسبيًّا من بدر، ولكنه كان يسرق، ولم تتمكن من علاجهما لعدم مساعدة الأسرة، ولأن العلاج يستغرق مدةً طويلةً تختلف من حالة إلى أخرى.
وترى أن مثل هذه الحالات هي حالات سلبية، دورها الإيجابي منعدم على نفسها وعلى مجتمعها، والأخطر أنها تؤثر في أولادها بنفس سلوكياتها الخاطئة؛ لذلك فتنبِّه الأسرة التي تكتشف في ابنها مثل هذه التصرفات بتقويمهم لها داخل البيت، وفي حالة فشلها على الأسرة أن تلجأ للأخصائي النفسي والاجتماعي في المدرسة؛ لوضع خطة علاج مشتركة بين المدرسة والأسرة لعلاج الطفل.
ويبقى لنا أن نوضح أن الأقطاب المتشابهة متنافرةً؛ بحيث لا يمكن اجتماع شخصيتين قياديتين معًا، لا بد لأحدهما أن يثبت نفسه عن الآخر؛ لأن القيادة درجات، فمنها القويّ والأقوى، والقيادي يجتذب إليه الانقيادي، والطفل المنقاد عنده خاصية الخضوع للآخرين، ويبدو عليه ذلك في المراحل الأولى من العمر، والأسرة يجب أن تنبِّه بطريق غير مباشر، وفي هذه الحالة تكون محتاجةً لثقافة تربوية سليمة توفِّرها لها الجهاتُ المتخصصةُ لتتعلم كيف تتعامل مع ابنها.
ويتناول د. شحاتة محروس- أستاذ علم النفس بكلية التربية جامعة حلوان- أطراف الحديث، قائلاً إن القيادة سلوكٌ يُتَرْجَم إلى تصرفاتٍ تظهر مبكرًا عند الأطفال قبل سن المدرسة، تستطيع الأم اكتشافها بسهولة، من خلال لعبه مع أصدقائه، فتجده يفكر ويقترح، ويقرر وينفذ، وأقرانه يستجيبون له؛ لأنه غالبًا يكون أكبر سنًّا منهم قليلاً، وتفكيره أسرع منهم، وقد يكون أكبر جسمًا، والدور الأكبر في تنمية سلوكه يعود على الأم؛ فعليها أن لا تصدَّه ولا تنهاه، وتلاحظ الخطأ وترده بحنكة وتنصحه بلطف؛ لترسخ هذه المميزات.
أما الشخصية المنقادة- والتي تمثِّل الغالبية العظمى من الأطفال- فأرى أنها الأكثر حاجةً إلى الاهتمام؛ لأن الإهمال في احتواء هؤلاء الأطفال يؤثِّر سلبًا عليهم وعلى مجتمعهم، ولا بد أن نفهم أن الشخصية المنقادة لن تتحوَّل إلى قيادية، ولكننا نسعى إلى تقويم سلوكها ليرتقي إلى مرحلة وسط تجعله قادرًا على التعبير عن نفسه؛ فعلينا أن نستمع له وننصت، وننفذ إن أمكن، ونشجعه على ذلك حتى لو لم يكن يستحق التشجيع، ونقوي ثقته بنفسه، ونشعره بالمرغوبية من الآخرين، ونربِّيه على تحمل المسئولية؛ حتى لا يتحول من الشخصية الانقيادية إلى الشخصية الاعتمادية، وأضرارها أكبر من سابقتها، والبيئة المحيطة من الأسرة والمدرسة والنادي تنمي هذه السلوكيات أو تثبطها.
وإذ حملت المصحف بيمينك، ومضيت تقلِّب السورة تلو الأخرى، فاعلم أننا نريد شكرًا لرجال من بينهم الصحابي الجليل زيد بن ثابت، كلنا نعلم أنه قائد على الصحابة، الذين تولوا جمع القرآن بعد حرب الردة بأمر من أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- ولكن معظمنا لا يعلم أن قيادته تجلَّت منذ نعومة أظافره؛ فأسلم مع أهله وعمره إحدى عشرة سنة، وصحب أبويه ليشاركهما في غزوة بدر، ولكن الرسول ردَّه لصغر سنِّه.
وفي غزوة أحد ذهب مع أصحابه يطلب المشاركة في الغزوة، ولم يتألَّق مجاهدًا فقط، ولكنه تعلَّم اللغات الأجنبية ليصبح سفير المسلمين في البلاد الأجنبية، وبرع في القضاء والفتوى، ووُصف بأنه من الراسخين في العلم، وهذا كله كان ثمرة احتواء سليم من أسرة اكتشفت في ابنها قيادةً مبكرةً، فتبنَّتها لتصل به إلى هذا، فلماذا نرضى لأولادنا بأقل منذ ذلك.
- الطفل المنقاد يستحيل أن يتحوَّل إلى قائد
تحقيق- مروة مصطفى
هل طفلك قائد رأي؟ هل له دور في اتخاذ القرارات؟ هل يطلب منك الاستماع إليه؟ هل يدافع عن فكرته حتى تقتنعي بها؟ أم أنه مسالم ومطيع ولا يخالفك؟ إذا كان من النوع الأول فأبشري، ففي بيتك قائد، وإن كان من النوع الثاني فلتأخذي بيده؛ ليصبح شخصيةً قياديةً، أو على الأقل ليستقل بنفسه ولا تتكرر معه مشكلة صفاء أيمن- تلميذة في الصف الثالث الابتدائي- التي بدأت مشكلتها تظهر بالانقياد الشديد لزميلتها والتقليد الأعمى لها، حتى إن هذه الصديقة علَّمتها السرقة!!
ورغم عقاب الأسرة لصفاء، إلا أنهم يعانون من مشكلة ابنتهم مع السرقة، والمشكلة الكبرى في انقيادها للصديقة الفاشلة، التي تتواصل معها رغم العقاب الشديد، فما زالت المشكلة مستمرة.
وأيضًا علي ناصر (6 سنوات)، بدأت أمه تلاحظ التأثير القويَّ لأخته عليه، تضربه وتأمره ويستجيب، رغم عمرها الذي لم يتجاوز 4 سنوات، تتساءل أمه: ماذا أفعل مع ابني ليصبح شخصيةً قويةً قياديةً؟!
القيادة موقف يفرض نفسه
هذه نماذج لحالات الطفل الذي لا يصلح أن يكون قائدًا.
ولننتقل إلى نماذج أخرى، مثل منة الله مصطفى (طالبة بكلية الهندسة)، وهي تسترجع معنا أيام طفولتها، عندما كانت قياديةً في المراحل الأولى لدراستها، وكانت زميلاتها يتقدمْن لها لتصحيح الواجبات المدرسية لهم، واستمرت قياديةً في كل مراحل حياتها.
وترى أن السبب في ذلك هو حبُّهم لها، ولكنها في الجامعة تجد نفسها منقادةً لمن ترى في رأيه الأصلح؛ لذلك تقول إن القيادة موقفٌ يفرض نفسه.
منظومة متكاملة
أما عبير مصطفى (أخصائية اجتماعية ابتدائي) فترى أن حل مشكلة ضعف الشخصية يحتاج إلى تلاقٍ وتعاون بين البيت والمدرسة؛ ليسير الجميع في منظومة واحدة، والدور الأكبر على الأخصائي النفسي، ولكن معظم مدارسنا تفتقد لوجوده، وتكتفي بالأخصائي الاجتماعي، وهذا وحده لا يكفي، وتحكي لنا حالة التلميذ بدر محمد، والذي جذب انتباهها انقيادُه لزملائه.وعندما درست الحالة وجدته شخصيةً ضعيفةً غير واثق بنفسه، يلجأ للحِيَل الدفاعية، مثل الإسقاط أي إيقاع الخطأ على غيره، والتبرير أي شرح كل موقف حتى لو لم يكن يحتاج لذلك؛ ولأنها تعلم أن العلاج يحتاج إلى تعاون الأسرة مع الأخصائي تقويمًا لسلوك التلميذ، ذهبت إليهم، وتحدثت معهم عن حالة ابنهم، ولكنهم لم يتعاونوا معها، وأنكروا حالته، ولكنها لم تيأس، فجمعت معلوماتٍ من أصدقائه وجيرانه بطريق غير مباشر، وتوصلت إلى الآتي:
الأب دوره غائب عن الأسرة اجتماعيًّا.. أما الأم فشخصية متسلِّطة، والأخ الأصغر كانت شخصيته أقوى نسبيًّا من بدر، ولكنه كان يسرق، ولم تتمكن من علاجهما لعدم مساعدة الأسرة، ولأن العلاج يستغرق مدةً طويلةً تختلف من حالة إلى أخرى.
وترى أن مثل هذه الحالات هي حالات سلبية، دورها الإيجابي منعدم على نفسها وعلى مجتمعها، والأخطر أنها تؤثر في أولادها بنفس سلوكياتها الخاطئة؛ لذلك فتنبِّه الأسرة التي تكتشف في ابنها مثل هذه التصرفات بتقويمهم لها داخل البيت، وفي حالة فشلها على الأسرة أن تلجأ للأخصائي النفسي والاجتماعي في المدرسة؛ لوضع خطة علاج مشتركة بين المدرسة والأسرة لعلاج الطفل.
إعداد القيادات
ويوضح د. سعيد المصري- أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة- أن الطبيعة القيادية أو الانقيادية عند الأطفال ترجع إلى الجينات الوراثية بقدر كبير، والطفل القيادي بطبيعته يميل إلى خدمة الآخرين وقدرته على التكيُّف مع غيره أعلى من أقرانه الانقياديين، وهي صورة إيجابية للشخصية، تعود بالنفع على نفسها ومجتمعها ولكنها تحتاج إلى دعم من الأسرة أولاً؛ لأنها تظهر في الفترات الأولى من العمر، ثم الدعم من المدرسة والبيئات المحيطة حتى لا تقهر فيه قيادته، والمجتمع الواعي يتعامل مع هذه القيادات الصغيرة إعدادًا لها للتصدُّر في الأمور الكبيرة في كل مجالات الحياة على المستوى العام والخاص.ويبقى لنا أن نوضح أن الأقطاب المتشابهة متنافرةً؛ بحيث لا يمكن اجتماع شخصيتين قياديتين معًا، لا بد لأحدهما أن يثبت نفسه عن الآخر؛ لأن القيادة درجات، فمنها القويّ والأقوى، والقيادي يجتذب إليه الانقيادي، والطفل المنقاد عنده خاصية الخضوع للآخرين، ويبدو عليه ذلك في المراحل الأولى من العمر، والأسرة يجب أن تنبِّه بطريق غير مباشر، وفي هذه الحالة تكون محتاجةً لثقافة تربوية سليمة توفِّرها لها الجهاتُ المتخصصةُ لتتعلم كيف تتعامل مع ابنها.
مسئولية البيئة د. شحاتة محروس
ويتناول د. شحاتة محروس- أستاذ علم النفس بكلية التربية جامعة حلوان- أطراف الحديث، قائلاً إن القيادة سلوكٌ يُتَرْجَم إلى تصرفاتٍ تظهر مبكرًا عند الأطفال قبل سن المدرسة، تستطيع الأم اكتشافها بسهولة، من خلال لعبه مع أصدقائه، فتجده يفكر ويقترح، ويقرر وينفذ، وأقرانه يستجيبون له؛ لأنه غالبًا يكون أكبر سنًّا منهم قليلاً، وتفكيره أسرع منهم، وقد يكون أكبر جسمًا، والدور الأكبر في تنمية سلوكه يعود على الأم؛ فعليها أن لا تصدَّه ولا تنهاه، وتلاحظ الخطأ وترده بحنكة وتنصحه بلطف؛ لترسخ هذه المميزات.
أما الشخصية المنقادة- والتي تمثِّل الغالبية العظمى من الأطفال- فأرى أنها الأكثر حاجةً إلى الاهتمام؛ لأن الإهمال في احتواء هؤلاء الأطفال يؤثِّر سلبًا عليهم وعلى مجتمعهم، ولا بد أن نفهم أن الشخصية المنقادة لن تتحوَّل إلى قيادية، ولكننا نسعى إلى تقويم سلوكها ليرتقي إلى مرحلة وسط تجعله قادرًا على التعبير عن نفسه؛ فعلينا أن نستمع له وننصت، وننفذ إن أمكن، ونشجعه على ذلك حتى لو لم يكن يستحق التشجيع، ونقوي ثقته بنفسه، ونشعره بالمرغوبية من الآخرين، ونربِّيه على تحمل المسئولية؛ حتى لا يتحول من الشخصية الانقيادية إلى الشخصية الاعتمادية، وأضرارها أكبر من سابقتها، والبيئة المحيطة من الأسرة والمدرسة والنادي تنمي هذه السلوكيات أو تثبطها.
قيادات صغيرة
إن تاريخنا الإسلامي مشرف، ويشعُّ نماذج قيادية أثرت في الإسلام إيجابيًّا، وأثرت فيه بالمواقف التي ما زلنا نتعلم منها الكثير والكثير؛ فها هو سيدنا علي بن أبي طالب يقرر اعتناق الإسلام وعمره عشر سنوات، ويصمد أمام عناد قومه، ويساند النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ولم يتراجع في أشد المواقف وأصعبها؛ ليرتفع شأنه، ويتقلد خلافة المسلمين، ويصبح رابع الخلفاء الراشدين، ويتعلم الناس من علمه ومواقفه الجليلة إلى وقتنا الحاضر.وإذ حملت المصحف بيمينك، ومضيت تقلِّب السورة تلو الأخرى، فاعلم أننا نريد شكرًا لرجال من بينهم الصحابي الجليل زيد بن ثابت، كلنا نعلم أنه قائد على الصحابة، الذين تولوا جمع القرآن بعد حرب الردة بأمر من أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- ولكن معظمنا لا يعلم أن قيادته تجلَّت منذ نعومة أظافره؛ فأسلم مع أهله وعمره إحدى عشرة سنة، وصحب أبويه ليشاركهما في غزوة بدر، ولكن الرسول ردَّه لصغر سنِّه.
وفي غزوة أحد ذهب مع أصحابه يطلب المشاركة في الغزوة، ولم يتألَّق مجاهدًا فقط، ولكنه تعلَّم اللغات الأجنبية ليصبح سفير المسلمين في البلاد الأجنبية، وبرع في القضاء والفتوى، ووُصف بأنه من الراسخين في العلم، وهذا كله كان ثمرة احتواء سليم من أسرة اكتشفت في ابنها قيادةً مبكرةً، فتبنَّتها لتصل به إلى هذا، فلماذا نرضى لأولادنا بأقل منذ ذلك.
عدل سابقا من قبل زين في الخميس فبراير 21, 2008 11:25 am عدل 1 مرات