منتديات مفاتيح الجنة

زائرنا الحبيب أهلاً بك ومرحباً يمكنك الإطلاع أو نسخ الموضوعات دون التسجيل أو إضافة ردود ويسعدنا إنضمامك الينا بتسجيلك بالمنتدي والله المستعان

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مفاتيح الجنة

زائرنا الحبيب أهلاً بك ومرحباً يمكنك الإطلاع أو نسخ الموضوعات دون التسجيل أو إضافة ردود ويسعدنا إنضمامك الينا بتسجيلك بالمنتدي والله المستعان

منتديات مفاتيح الجنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مفاتيح الجنة

* إسلامي قائم علي الكتاب والسنة * { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }


    الثبات

    زين
    زين



    الساعة الآن :
    ذكر
    العمر : 65
    الهوايات : الاطلاع علي كل مايختص بالاسلام ، والكمبيوتر
    رقم العضوية : 1
    تاريخ التسجيل : 31/08/2007
    عدد الرسائل : 6082
    البلد : المدينة : مصر : القاهرة
    علم بلدك : الثبات Egyptc10
    الاوسمة : الثبات Wms59811
      دعاء : الا بذكر الله تطمئن القلوب

    الثبات Empty الثبات

    مُساهمة من طرف زين الإثنين أبريل 19, 2010 8:12 pm

    الثبات 25010_12


    إذا كان الابتلاء سنةً من سنن الدعوات التي قدرها الله سبحانه وتعالى على الدعاة والمصلحين والسائرين على دربهم، فإن الثبات على
    الابتلاء شيمة من شيم الدعاة المخلصين، ويمحص الله سبحانه وتعالى به بين المؤمنين الصابرين وغيرهم من أدعياء الإيمان. لذا فإن السائر في طريق الدعوة إلى الله لا بد له من حال خاص مع الله في الرخاء ليعينه على الثبات في المحن والشدائد.

    والثبات: الاستقامة على الهدى، والتمسك بالتقى، وإلجام النفس، وقسرها على سلوك طريق الحق والخير، وعدم الالتفات إلى صوارف الهوى والشيطان، ونوازع النفس والطغيان، مع سرعة الأوبة والتوبة حال ملابسة الإثم أو الركون إلى الدنيا.

    الثبات دعويًّا: هو الثبات على طريق الدعوة إلى الله وتحمل ما يحدث فيه من محن وابتلاءات بقوة وتجرد ورضاء بما ينجم عنه من نتائج.

    فالإيمان نفسه بحاجة إلى المحنة لسبر غوره وإدراك مداه.. فالإيمان القوي الراسخ هو الذي يصمد في ساعة العسر.. أما الإيمان السقيم العليل فسرعان ما تكشفه المحن وتصدعه.. وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ..﴾.

    والثبات في وقت الشدة مظهر من مظاهر عمق الإيمان ودليل رسوخه: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) (العنكبوت) وكلما تشتد المحنة في حياة الدعوة، وكلما علا الطغيان، واشتد التضييق والأذى على المؤمنين حتى يسامون سوء العذاب، فيقتلون، وترمل نساءهم، وتصادر أموالهم، وينزل بهم كل منكر.. كان حقًّا على الدعاة أن يدفعوا الثمن غاليًا وبسخاء من أموال ودماء ونفوس وشهداء.

    أهمية الثبات
    *********
    الثبات معنى عظيم من معاني الدعوة إلى الله و له آثار كبيرة في نفس الداعية الثابت وفيمن حوله، تفعل فعلها وتؤثر أثرها، وفيه جوانب هامة في تربية الفرد والمجتمع:

    أولاً: الثبات دليل على سلامة المنهج، وداعيًا إلى الثقة به، لكل مسلم نهج ينهجه وطريق يسلكه ليوصله إلى دار القرار والعزة أو الهوان والذل، فإذا اقتنع الداعية بمنهجه وثبت عليه وضحى من أجله كان من أهم عوامل التثبيت لمن خلفه والعكس صحيح. ومن هنا تكمن خطورة الثبات لأنه مرآة تعكس مدى اقتناع الفرد بمنهجه وبسلامته وصحته، فليتقي كل داعية الله في دينه ودعوته ورسالته ولا يترخص في مواقف لا يجوز فيها الترخص، بل يجب فيها الثبات وإقرار الحق مهما كانت التضحيات.

    ثانيًا: الثبات مرآة لشخصية المرء، ومطمئن لمن حوله، يثق الناس في الثابت الراسخ، ويعظم أثره فيهم، حيث يشيع فيهم الطمأنينة إلى حاله والركون إليه، بينما القلِق المتقلب قلما يُركن إليه ويوثق به، وهو عامل خوف واضطراب فيمن حوله من الناس. ولعل في موقف الإمام أحمد بن حنبل في محنة خلق القرآن وثباته أكبر دليل على ذلك حيث كان في ثباته نجاة للأمة كلها من محنة كبيرة لا يعلم أحد مدى ما كان يمكن أن يحدث من جرائها. كما في موقف الإخوان في محن 1954م، و1965م، وثباتهم على منهجهم من غير تبديل ولا تغيير أكبر مطمئن للدعاة على مر العصور على سلامة وصحة المنهج والطريق.

    ثالثًا: الثبات ضريبة الطريق إلى المجد والرفعة في الدنيا والآخرة، كل عمل عظيم يحتاج تحقيقه إلى ثبات وقوة في التناول والأخذ، وهذا ليس مقتصرًا على المسلمين فقط، بل إن كل شعوب الأرض لا تصل إلى المجد والرفعة والسناء إلا بثبات عظيم، ومن اطّلع على تاريخ الغرب في زمان الثورة الفرنسية، والثورة الصناعية وثورة البخار علِم قدر ثباتهم وتضحياتهم. كما أن تاريخنا الإسلامي ذاخر بالكثير من المواقف المضيئة التي تعبر عن ذلك بوضوح شديد.

    رابعًا: الثبات طريق لتحقيق الأهداف، فالثبات عامل مهم في الأثر الذي يتركه الإنسان في هذه الحياة، وهو الموصل- بإذن الله- إلى ما يريده المرء ويطلبه؛ فالمُريد تغيير حركة التاريخ، والراغب تعبيد الناس لرب العالمين، والعامل على رفعة دينه وإعلاء رايته لا غنىً له عن الثبات والرسوخ، وليس له- بغير الثبات- من مراده ذلك إلا الأوهام والأماني، وكلما علا الهدف علا الجهد والثبات المطلوبان لتحقيقه.

    مواطن الثبات
    **********
    ومواطن الثبات كثيرة ومتعددة ونذكر بعضها بإيجاز:

    أولاً: الثبات في الفتن:
    ****************
    إذا تعرض القلب لفتن السراء والضراء فلا يثبت إلا أصحاب البصيرة الذين عمّر الإيمان قلوبهم. ومن أنواع الفتن:

    فتن المال: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)﴾ [التوبة].

    فتنة الجاه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف:28 ]

    فتنة الزوجة: ﴿إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ التغابن:14

    فتنة الأولاد: "الولد مجبنة مبخلة محزنة" صحيح الجامع (7037).

    فتنة الاضطهاد والطغيان والظلم: ويمثلها أروع تمثيل قول الله -عز وجل-: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)﴾ [البروج].

    ثانيًا: الثبات في الجهاد:
    *****************
    ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾ (الأنفال: 45).

    ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)﴾ (آل عمران)

    إن صيغة السؤال الاستنكارية يقصد بها التنبيه بشدة إلى خطأ هذا التصور: تصور أنه يكفي الإنسان أن يقولها كلمة باللسان: أسلمت وأنا على استعداد للموت. فيبلغ بهذه الكلمة أن يؤدي تكاليف الإيمان، وأن ينتهي إلى الجنة والرضوان!

    إنما هي التجربة الواقعية، والامتحان العملي. وإنما هو الجهاد وملاقاة البلاء، ثم الصبر على تكاليف الجهاد، وعلى معاناة البلاء.

    ثالثًا: الثبات على المنهج:
    *******************
    ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب:23 )، مبادئهم أغلى من أرواحهم، إصرار لا يعرف التنازل.. لا لشيء إلا لأنهم عندما بايعوا على المنهج كانوا يبايعون الله وكانت يد الله فوق أيديهم، وكانوا على ثقة تامة بسلامة المنهج وصحته واستعدادهم للبذل والتضحية من أجلة ومن ثم الثبات عليه ابتغاء الأجر والمثوبة من الله سبحانه.

    رابعًا: الثبات عند الممات:
    *******************
    ﴿إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا ولا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾، والثبات في هذا الموقف لن يتم إلا بجهد جهيد وعمل دؤوب متواصل وإخلاص وتجرد تامين لله ليتم التثبيت عند الممات.

    خامسًا: الثبات عند علو الأعداء:
    ***********************
    فقد يصاب الإنسان بحالة من اليأس والقنوط عند ارتفاع شأن الأعداء وعلو راياتهم، ولكن المسلم الواثق بنصر الله والواعي لدينه العامل له بإخلاص وتجرد يعي تمامًا أن الحرب جولات وأن النصر للمؤمنين حين يستوفون موجباته وأن علو الباطل وأعوانه ما هو إلا لوقت محدود وأن العاقبة لمن اتقى

    الوسائل المعينة على الثبات
    -------------------------------
    أولاً: الإقبال على القرآن:
    ******************
    القرآن العظيم وسيلة التثبيت الأولى وهو حبل الله المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه الله ومن اتبعه أنجاه الله، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.

    نص الله على أن وظيفة هذا الكتاب والغاية التي من أجلها أنزله منجّمًا مفصلاً هي التثبيت، فقال- تعالى- في معرض الرد على شُبه الكفار: ﴿وقَالَ الَذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ورَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً (32) ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾ [الفرقان:32،33].

    ثانيًا: التقرب من الله والإكثار من العمل الصالح:
    *********************************
    قال الله- تعالى-: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وفِي الآخِرَةِ ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ (إبراهيم: 27).

    ثالثًا: تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي والعمل:
    *************************************
    والدليل على ذلك قوله- تعالى-: ﴿وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنباءِ الرُّسلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ ومَوْعِظَةٌ وذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [ هود:120].

    فما نزلت تلك الآيات على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للتسلية والتفكه، وإنما لغرض عظيم هو تثبيت فؤاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأفئدة المؤمنين معه.

    فلو تأملت قول الله عز وجل: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وسلاماً عَلَى إبْرَاهِيمَ (69) وأَرَادُوا بِهِ كَيداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء:68 -70]، قال ابن عباس: "كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: "حسبي الله ونعم الوكيل" وهنا نشعر بمعنى من معاني الثبات أمام الطغيان والعذاب يدخل النفس ونحن نتأمل هذه القصة، وما تبع هذا الثبات من معية الله سبحانه وتعالى لأوليائه.

    وفي قول الله عز وجل في قصة موسى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلاَّ إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (الشعراء:61،62)، نحس بمعنى آخر من معاني الثبات عند ملاحقة الظالمين، والثبات في لحظات الشدة وسط صرخات اليائسين، ولكنها ثقة المؤمن وثباته في الأوقات العصيبة.

    كما في قصة سحرة فرعون نرى المثل العجيب للثلة التي تثبت على الحق بعدما تبين، ألا ترى أن معنى عظيمًا من معاني الثبات يستقر في النفس أمام تهديدات الظالم وهو يقول: ﴿قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ ولأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ولَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وأَبْقَى﴾ (طه: 71).

    ثبات القلة المؤمنة الذي لا يشوبه أدنى تراجع وهم يقولون: ﴿قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (طه: 72).

    وهكذا قصة المؤمن في سورة يس ومؤمن آل فرعون وأصحاب الأخدود وغيرها يكاد الثبات يكون أعظم دروسها قاطبة.

    رابعًا: الدعاء:
    *********
    من صفات المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم: ﴿رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران:8]، ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ [البقرة:250].

    ولقد كان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكثر أن من قول: "يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك"

    خامسًا: ذكر الله:
    *************
    وهو من أعظم أسباب التثبيت وتأمل هذا الاقتران بين الأمرين في قوله- عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأنفال:45] فجعله الله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد.

    سادسًا: التربية:
    ************
    التربية الإيمانية العلمية الواعية والمتدرجة عامل أساسي من عوامل الثبات.

    التربية الإيمانية: التي تحيي القلب والضمير بالخوف والرجاء والمحبة، المنافية للجفاف الناتج من البعد عن نصوص القرآن والسنة.

    التربية العلمية: القائمة على الفهم الصحيح والمتشبعة بصحيح الإسلام..

    التربية الواعية: التي تعرف سبيل المجرمين، وتدرس خطط أعداء الإسلام، وتحيط بالواقع علمًا، وبالأحداث فهمًا وتقويمًا، المنافية للانغلاق والتقوقع على البيئات الصغيرة المحدودة.
    التربية المتدرجة: التي تسير بالمسلم شيئًا فشيئًا، ترتقي به في مدارج كماله بتخطيط موزون، والمنافية للارتجال والتسرع والقفزات المحطِّمة.

    ولكي ندرك أهمية هذا العنصر من عناصر الثبات، فلنعد إلى سيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونسائل أنفسنا: ما هو مصدر ثبات صحابة النبي- صلى الله عليه وسلم- في مكة إبَّان فترة الاضطهاد؟ كيف ثبت بلال وخباب ومصعب وآل ياسر وغيرهم من المستضعفين وحتى كبار الصحابة في حصار الشِّعب وغيره؟ هل يمكن أن يكون ثباتهم بغير تربية عميقة من مشكاة النبوة ثقَّلت شخصياتهم؟

    سابعًا: الثقة بالطريق:
    ****************
    لا شك أنه كلما ازدادت الثقة بالطريق الذي يسلكه المسلم كان ثباته عليه أكبر... ولهذا وسائل منها:

    - استشعار أن الصراط المستقيم الذي تسلكه ليس جديدًا ولا وليد قرنك وزمانك، وإنما هو طريق عتيق، قد سار فيه من قبل من الأنبياء والصديقين والعلماء والشهداء والصالحين، فتزول غربتك، وتتبدل وحشتك أُنسًا، وكآبتك فرحًا وسرورًا، لأنك تشعر بأن أولئك كلهم أخوة لك في الطريق والمنهج ويقول الشهيد سيد قطب: "إن موكب الدعوة إلى الله موغل في القدم، ضارب في شعاب الزمن، ماضٍ في الطريق اللاحب، ماضٍ في الخط الواصب.. مستقيم الخطى، ثابت الأقدام. يعترض طريقه المجرمون من كل قبيل، ويقاومه التابعون من الضالين والمتبوعون، ويصيب الأذى من يصيب من الدعاة، وتسيل الدماء وتتمزق الأشلاء.. والموكب في طريقه لا ينحني ولا ينثني ولا ينكص ولا يحيد.. والعاقبة هي العاقبة مهما طال الزمن ومهما طال الطريق.. إن نصر الله دائمًا في نهاية الطريق".

    - الشعور بالاصطفاء، قال الله -عز وجل-: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ وسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل:59]، ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر:32]، ﴿وكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ويُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾ [يوسف:6 ]... وكما أن الله اصطفى الأنبياء؛ فللصالحين نصيب من ذلك الاصطفاء وهو: ما ورثوه من علوم الأنبياء. ألا فإن اصطفاء الله لك؛ أن جعلك داعية من الدعاة إلى الله من عوامل ثباتك على منهجك وطريقك؟

    ثامنًا: الالتفاف حول العناصر المثبتة:
    **************************
    تلك العناصر التي من صفاتها ما أخبرنا به- صلى الله عليه وسلم-: "إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير مغاليق للشر" البحث عن الصالحين والدعاة المؤمنين، والالتفاف حولهم معينٌ كبير على الثبات، حتى قال بعض السلف: ثبَّت الله المسلمين برجلين :"أبي بكر" يوم الردة، و"الإمام أحمد" يوم المحنة.

    وهنا تبرز الأخوة الإسلامية كمصدر أساسي للتثبيت، فإخوانك الصالحون هم العون لك في الطريق، والركن الشديد الذي تأوي إليه؛ فيثبتونك بما معهم من آيات الله والحكمة... الْزمْهم وِعِش في أكنافهم، وإياك والوحدة فتخطفك الشياطين.

    تاسعًا- الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام:
    **********************************
    نحتاج إلى الثبات كثيرًا عند تأخر النصر، حتى لا تزل الأقدام بعد ثبوتها. قال تعالى: ﴿وكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ومَا ضَعُفُوا ومَا اسْتَكَانُوا واللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * ومَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ﴾ [آل عمران:146-148].

    عاشرًا: معرفة حقيقة الباطل وعدم الاغترار به:
    *********************************
    إن في قول الله -عز وجل-: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَذِينَ كَفَرُوا فِي البِلادِ﴾ [آل عمران:196 ] تسريةٌ عن المؤمنين وتثبيت. وفي قوله -عز وجل-: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ [الرعد:17 ] عبرةٌ لأولي الألباب في عدم الخوف من الباطل والاستسلام له.

    ومن طريقة القرآن فضحُ أهل الباطل وتعريةُ أهدافهم ووسائلهم ﴿وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ﴾، حتى لا يؤخذ المسلمون على حين غرة، وحتى يعرفوا من أين يؤتى الإسلام، وكم سمعنا ورأينا حركات تهاوت ودعاة زلت أقدامهم؛ ففقدوا الثبات لما أتوا من حيث لم يحتسبوا بسبب جهلهم بأعدائهم

    حادي عشر: استجماع الأخلاق المعينة على الثبات:
    ***************************************
    وعلى رأسها: الصبر، ففي حديث الصحيحين: "ما أُعطي أحدٌ قط خيرًا أوسع من الصبر، وأشد الصبر: عند الصدمة الأولى"، وإذا أصيب المرء بما لم يتوقع تحصل النكسة ويزول الثبات إذا عُدم الصبر.

    لما أُصيب المسلمون في أُحد لم يكونوا ليتوقعوا تلك المصيبة لأن الله وعدهم بالنصر، فعلمهم الله بدرس شديد بالدماء والشهداء: ﴿أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ﴾ [آل عمران:165].
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الثبات حتى الممات..

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:32 pm