تمهيد:
أمر الله تعالى بغض البصر فقال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}
فهذا هو الأصل.. أن يغض المؤمن بصره عن المرأة الأجنبية عنه..
لكن استثنت الشّريعة المطهرة حالات أباحت فيها النّظر إلى المرأة الأجنبية, ومن ذلك نظر الخاطب إلى المخطوبة..
وذلك لأنّه سينبني على ذلك اتّخاذ قرار خطير ومصيري في حياة كل من الرجل والمرأة..
وجاء في ذلك أدلة كثيرة، نذكر منها هذا الدليل:
عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)
هذا الحديث رواه الإمام أبو داود , وصححه أهل العلم المعتبرون قديما وحديثا
انظر: صحيح أبي داود للألباني، حديث رقم 1832 و 1834
والسؤال الآن .. ما هي حدود النظر إلى المخطوبة:
الجواب:
اختلف العلماء في ذلك
- فذهب أكثر العلماء على أنه لا يباح للخاطب أن يرى إلا الوجه والكفين فقط
قال الإمام النووي (إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم... ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها... والمرأة تنظر إلى الرجل إذا أرادت تزوجه ، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها .
ثم المنظور إليه الوجه والكفان ظهراً وبطناً، ولا ينظر إلى غير ذلك).
انظر كتاب: "روضة الطالبين وعمدة المفتين 7/19-20
- وذهب كثير من أهل العلم كذلك إلى أنه يباح للخاطب أن ينظر إلى ما يظهر غالبا من المخطوبة أمام محارمها.. يعني أكثر من الوجه والكفين..
فتوى الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
يجوز للرجل إذا خطب امرأة أن ينظر الإنسان إلى ما يدعوه إلى الرغبة في نكاحها من الوجه والكفين والرأس والشعر والقدمين ولكن بشرط ألا يكون ذلك في خلوة بينه وبينها لا بد أن يحضرها محرم لها
انظر موقعه على النت.
-وذهب قليل جدا من أهل العلم على أنه يباح للخاطب أن يرى من مخطوبته أكثر من ذلك ,
حتى ذهب ابن حزم رحمه الله لرأي غريب جدا حيث قال: أنه يحق له أن يراها مجردة [وهذا طبعا رأي شاذ لم يوافقه عليه أحد, ولكن ذكرته من باب الأمانة العلمية فقط]
والآن نأتي لمسألة: هل يجوز للرجل أن يرى من المرأة التي يريد أن يخطبها ما يدعوه لنكاحها بدون علمها ولو بالتلصص عليها؟!
الذي يظهر من قصة جابر رضي الله عنه أنه جائز, وهذا ما فهمه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم السابق (أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها )؛ حيث قال جابر بعد هذا الحديث:
"فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها "
وفي رواية: "وقال جارية من بني سلمة، فكنت أتخبأ لها تحت الكرب، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها"
وطبعا كان هذا بدون علم المرأة التي كان يريد خطبتها..
ولذلك وضع العلماء شروطا لمن أراد أن ينظر إلى امرأة يريد خطبتها بدون علمها بأنه يراها, لأن بنات المسلمين ليست لعبة في أيدي السفهاء الذين يريدون استغلال مثل هذه الفتاوى لتحقيق مآرب شخصية..
فمن هذه الشروط:
1-أن يكون عنده الرغبة الأكيدة في أن يتزوج، وليست نيته أن يتلذذ بالفرجة على النساء
2- أن يغلب على ظنه أن المخطوبة وأهلها سيوافقون عليه
3- أن يكون ذلك بلا خلوة وبلا لمس
4- أن يكون النظر إلى ما يظهر غالباً، مثل الوجه والرأس بما فيها الشعر والكفين والذراعين والقدمين وأطراف الساقين وما أشبه ذلك.
ما سبق كان ملخصا من بعض الكتب والفتاوى, والله أعلم بالصواب..