الحمد لله قاضي الأمور ، شافي الصدور ، المجير بين البحور ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الرحيم الغفور ، العزيز الشكور ، المنقذ من فتنة القبور ، والمستجار به يوم البعث والنشور ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الهادي إلى طريق العبور ، المحذر من سبل الشرور ، وطرق الغفلة والغرور ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أهل الدثور والأجور ، أما بعد :
فهذه أسطر كتبتها ، وكلمات قلتها ، تذكرة لي خاصة ، ولإخواني المسلمين عامة ، أذكِّر فيها بخطورة الذنوب ، وعواقب صدأ القلوب ، وأثرها على العبد في الدنيا والآخرة ، لعل فيها عبرة وآية ، راجياً من الله فضلها ، ثم الدعاء لي ممن اطلع عليها ، أو سمع بها ، وأسميتها بـ[ عقوبات الذنوب ] ، وما سيُقرأ هو ما كتبت ، إني أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله عليه وتوكلت ، والله الموفق والمسدد ، والهادي إلى السبيل الممهد .
أقسام العقوبات :
عقوبات الذنوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- عقوبات في الدنيا :
كمن يتعامل بالربا ، أو الزنا واللواط ، أو الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ، أو شهادة الزور ، أو ظلم الناس ، أو عقوق الوالدين ، أو الغيبة والنميمة ، أو سب الصالحين ، أو غير ذلك من أنواع الكبائر والجرائم .
ولقد شهدت الكتب قديماً وحديثاً ، ولمس الناس اليوم حقيقة عقوبات الذنوب والمعاصي ، فكل ذلك مسطر في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، ثم يوم القيامة يقول الله تعالى للمذنبين المقصرين الذين نسوا كتابة الأعمال ، وإحصاء الأقوال ، يقول لهم سبحانه : " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " ، ويقول لهم سبحانه : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون " .
ألا وإن من أعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى ، عقوق الوالدين الذين يجب برهما ، وقطع صلة الرحم التي يجب أن توصل ، فقد أخرج الشيخان من حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ ، وَمَنَعَ وَهَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] .
وعن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ " [ متفق عليه ] .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " [ أخرجه النسائي واللفظ له ، وأحمد ] .
فانظروا كيف كان عقوق الوالدين سبباً للحرمان من الجنة ، وطريقاً ممهداً إلى النار والعياذ بالله .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَهُوَ لَكِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
وعن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ " [ متفق عليه واللفظ لمسلم ] .
وبما أن العقوق والقطيعة من كبائر الذنوب ، فلقد رتب الشارع الكريم على من فعل ذلك ، العذاب والنكال في دور الحياة الثلاثة ، في الدنيا والقبر والآخرة ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " [ أخرجه أبو داود ، وابن ماجة ، وأحمد ، والترمذي ، وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .
أقسام عقوبات الدنيا :
تنقسم عقوبات الدنيا إلى قسمين :
الأولى / عقوبات عاجلة :
وكم هي القصص والوقائع التي تثبت ذلك ، فآكل الربا ربما فقد أبناءه ، وزوجاته ، وماله في حياته عقوبة وراء عقوبة ، معجلة له ، مع ما يُدخر له من العذاب في قبره ويوم القيامة ، قال تعالى : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " ، وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " .
ومن عقوبات الذنوب المعجلة ، عقوبة الزنا ، فمن فعل الفاحشة بأعراض الناس ، فعل بأهله الزنا والعياذ بالله ، وقصة السقا المشهورة من أعظم الدلائل على ذلك ، والواقع مشحون بالبراهين الدامغة ، فنسأل الله السلامة والعافية من جميع الذنوب والمعاصي ، ما صغر منها وما عظم .
الثانية / عقوبات آجلة :
كم من الناس الذين مضوا ممن وقعوا في الذنوب والمعاصي ، ثم عوقبوا عليها ، وكان العقاب متأخراً ، فمنهم من نسي القرآن بعد أربعين سنة ، ومنهم من انتكس على عقبيه والعياذ بالله .
ويشعر صاحب الذنب ، ومرتكب الإثم بضيق في قلبه ، وحشرجة في صدره ، ويرى وكأن الدنيا أضيق من سم الخياط ـ فتحة الإبرة ـ ويتمنى لو أن الدنيا تبتلعه ، أو لم تلده أمه ، وتحصل له النكبات والخسارة في المال ، والضيق في العيش ، كل ذلك بسبب المعصية ، وتهوين أمرها عند الإقدام عليها ، فهي عقوبات وراء عقوبات ، وتبعات وراء تبعات ، والعاقل من فطن لنسفه وعمل لما بعد الموت ، فاتخذ من هذه الحياة الدنيا ، سلماً يصل به إلى الجنة العالية الغالية ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة ، فشمروا لها ، واستعدوا للقاء بانيها .
وربما اجتمعت تلك العقوبات العاجلة والآجلة على العبد في عمره كله ، فتراه كثير المحن والفتن ، عظيم البلاء والابتلاء ، لا محبة من الله له ، ولكن عقوبة للسيئ من أعماله وأقواله ، نعوذ بالله من غضب الجبار المنتقم سبحانه .
وأما عقوبات القبر والآخرة فلا ريب أنها مؤجلة للعبد لحين انقطاعه من الدنيا وإقباله على الآخرة ، فأول ما يبدأ به الحساب في القبر وهو حياة البرزخ ، وربما بودر بعذابه قبل وضعه في قبره ، كما قرره كثير من العلماء ، لأن العذاب يشعر به البدن والروح ، والناس لا يرون ذلك ولا يشعرون به ، فلله الحكمة البالغة ، وهو القادر على كل شيء .
فهذه أسطر كتبتها ، وكلمات قلتها ، تذكرة لي خاصة ، ولإخواني المسلمين عامة ، أذكِّر فيها بخطورة الذنوب ، وعواقب صدأ القلوب ، وأثرها على العبد في الدنيا والآخرة ، لعل فيها عبرة وآية ، راجياً من الله فضلها ، ثم الدعاء لي ممن اطلع عليها ، أو سمع بها ، وأسميتها بـ[ عقوبات الذنوب ] ، وما سيُقرأ هو ما كتبت ، إني أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله عليه وتوكلت ، والله الموفق والمسدد ، والهادي إلى السبيل الممهد .
أقسام العقوبات :
عقوبات الذنوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- عقوبات في الدنيا :
كمن يتعامل بالربا ، أو الزنا واللواط ، أو الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ، أو شهادة الزور ، أو ظلم الناس ، أو عقوق الوالدين ، أو الغيبة والنميمة ، أو سب الصالحين ، أو غير ذلك من أنواع الكبائر والجرائم .
ولقد شهدت الكتب قديماً وحديثاً ، ولمس الناس اليوم حقيقة عقوبات الذنوب والمعاصي ، فكل ذلك مسطر في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، ثم يوم القيامة يقول الله تعالى للمذنبين المقصرين الذين نسوا كتابة الأعمال ، وإحصاء الأقوال ، يقول لهم سبحانه : " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " ، ويقول لهم سبحانه : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون " .
ألا وإن من أعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى ، عقوق الوالدين الذين يجب برهما ، وقطع صلة الرحم التي يجب أن توصل ، فقد أخرج الشيخان من حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ ، وَمَنَعَ وَهَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] .
وعن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ " [ متفق عليه ] .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " [ أخرجه النسائي واللفظ له ، وأحمد ] .
فانظروا كيف كان عقوق الوالدين سبباً للحرمان من الجنة ، وطريقاً ممهداً إلى النار والعياذ بالله .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَهُوَ لَكِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
وعن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ " [ متفق عليه واللفظ لمسلم ] .
وبما أن العقوق والقطيعة من كبائر الذنوب ، فلقد رتب الشارع الكريم على من فعل ذلك ، العذاب والنكال في دور الحياة الثلاثة ، في الدنيا والقبر والآخرة ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " [ أخرجه أبو داود ، وابن ماجة ، وأحمد ، والترمذي ، وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .
أقسام عقوبات الدنيا :
تنقسم عقوبات الدنيا إلى قسمين :
الأولى / عقوبات عاجلة :
وكم هي القصص والوقائع التي تثبت ذلك ، فآكل الربا ربما فقد أبناءه ، وزوجاته ، وماله في حياته عقوبة وراء عقوبة ، معجلة له ، مع ما يُدخر له من العذاب في قبره ويوم القيامة ، قال تعالى : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " ، وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " .
ومن عقوبات الذنوب المعجلة ، عقوبة الزنا ، فمن فعل الفاحشة بأعراض الناس ، فعل بأهله الزنا والعياذ بالله ، وقصة السقا المشهورة من أعظم الدلائل على ذلك ، والواقع مشحون بالبراهين الدامغة ، فنسأل الله السلامة والعافية من جميع الذنوب والمعاصي ، ما صغر منها وما عظم .
الثانية / عقوبات آجلة :
كم من الناس الذين مضوا ممن وقعوا في الذنوب والمعاصي ، ثم عوقبوا عليها ، وكان العقاب متأخراً ، فمنهم من نسي القرآن بعد أربعين سنة ، ومنهم من انتكس على عقبيه والعياذ بالله .
ويشعر صاحب الذنب ، ومرتكب الإثم بضيق في قلبه ، وحشرجة في صدره ، ويرى وكأن الدنيا أضيق من سم الخياط ـ فتحة الإبرة ـ ويتمنى لو أن الدنيا تبتلعه ، أو لم تلده أمه ، وتحصل له النكبات والخسارة في المال ، والضيق في العيش ، كل ذلك بسبب المعصية ، وتهوين أمرها عند الإقدام عليها ، فهي عقوبات وراء عقوبات ، وتبعات وراء تبعات ، والعاقل من فطن لنسفه وعمل لما بعد الموت ، فاتخذ من هذه الحياة الدنيا ، سلماً يصل به إلى الجنة العالية الغالية ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة ، فشمروا لها ، واستعدوا للقاء بانيها .
وربما اجتمعت تلك العقوبات العاجلة والآجلة على العبد في عمره كله ، فتراه كثير المحن والفتن ، عظيم البلاء والابتلاء ، لا محبة من الله له ، ولكن عقوبة للسيئ من أعماله وأقواله ، نعوذ بالله من غضب الجبار المنتقم سبحانه .
وأما عقوبات القبر والآخرة فلا ريب أنها مؤجلة للعبد لحين انقطاعه من الدنيا وإقباله على الآخرة ، فأول ما يبدأ به الحساب في القبر وهو حياة البرزخ ، وربما بودر بعذابه قبل وضعه في قبره ، كما قرره كثير من العلماء ، لأن العذاب يشعر به البدن والروح ، والناس لا يرون ذلك ولا يشعرون به ، فلله الحكمة البالغة ، وهو القادر على كل شيء .
عدل سابقا من قبل زين في الأحد مارس 30, 2008 10:56 pm عدل 6 مرات