الكثِيِرُ مِن أهلِ المعاصِي و الكبائِر غلبت عليهِم شِقوتُهُم ..
وسقطتَ تِلكَ الهِممُ العالِيةِوالقاماتُ الشامِخةُ..
سقطت ومُرغَت تحتَ أرجُلِ ذنبٍ ومعصِيةٍ اعتادُوا عليهَا وأدمنُوُهَا..
تلذذوا بحلاوةِ جُرمِهَا وزينَ لهمُ الشيطانُ قُبحهَا وحقارتُهَا.
فعمِيتُ الأبصارُ والبصِيِرةُ وما كان مِنهُم إلا أن تمادوا وذهبُوا إلي أبعدِ الحدُوُدِ
بحثاًعن المزِيِد مِن مُتعةٍ تجُرُ المهالِك و ويلاتُ الدنيا قبلَ الأخِرة.
فتحولت تِلكَ الفِطرةُ السلِيِمةُ النقِيةُ والنُفُوُس الطاهِرةُ البرِيئةُ
تحولت إلي أنعامٍ بَل هُم أضلُ سبِيِلاً.
ترَي القُوةَ والسعادةُ فِي ظاهِرِهِم وفِي أعماقِهِم هُم يبكُوُن وينتحِبُون ذُلاً
وإنكِساراً ورفضا ً لأسرِ معصِيةُ
كانَت هِي السيِدُ وهُم لهَا الخُدامُ و العبِيِد.
إلا أنهُ و للهِ الحمدُ نَرَي فِي البعضِ مِنهُم بِذرةَ الخير والصلاح..
والنفسُ التِي تأبي القُبح
والخبِيِث ويُراوِدُهَا حُلُمُ اليومُ الذِي تسمُوا فِيِهِ وتطهُر.
وهذَا ليس مظهراً يتظاهرُون بِهِ..
بل هِي حقِيقةُ أعماقِهِم التِي عُذِبت وجُلِدت بِسياطِ هذَا الإثمُ ..
وسألت المولَي عز وجلَ أن يهدِيهَا ويجتبِيِهَا..
هُم يشعُرُوُن بوضاعةِ ودنائةِ ورُخصِ أفعالِهِم..
ويصرُخُوُن فِي أعماقِهِم
نُرِيِدُ التوبةَ والرُجُوُعِ إلي الله
ولكِن أينَ الطرِيِقُ وكيفَ السبِيِل ؟
فهذِهِ الرذِيلةُ وهذِهِ المعصِيةُ دِماءٌ تسِرِي فِي عروُقِهِم يملؤون ويُشبِعُوُن بِها الغرائِز
والشهواتِ ولا يقوُلُ لهُم شيطانُهُم إلا هل مِن مزِيِدٍ.
وأقُوُل لأحبتِي فِي الله هؤلاء مِمن حُرقوا بِنارِ هذَا الجرم وحاروا فِي أمرِهِم
وفِي دُنياهُم ويسألوُن كيف أتوُب عن هذَهِ المعصِيةِ؟
أقُوُلُ أن مِن رحمِةِ وكرمِ المولي عز وجل عليكَ..
أن لم يُطبَعُ علي قلبِك وسمعِك ويجعلُ علَي عينِك غِشاوةٌ..
فتفقِدُ الإحساس بِجُرمِ وعظِيِمِ ما أنتَ فِيِه وتكُوُن ممن هُم فِي غيِهِم
وفِي الضلالِ يعمهُوُن.
أنتَ ما عُدتُ تقوَي هذَا الذنب ومُستعِدٌ أن تبذِل الغالِي والنفِيِسُ حتَي تطهُر
ويشفَي قلبُك وتطمئِنُ نفسُك
تشتاقُ أن تسجُد لِربِك طاهِراً نقِياً تُناجِيِهِ وتدعُوُه أن يعفوا عنك ويستُركَ ويرحَمَك
وأنت ذلِك الذِي جاهدتَ نفسكَ وحرمتهَا مِن مُتعٍ مُحرمةٍ ابتغاءً لِرضَي و رحمةِ ربِك.
تخافُ انتقام الذِي لا تأخُذُهُ سِنةٌ و لا نومٌ وتخشي عذابهُ وسُوء المُنقلبِ
نفسُك تُرِيدُ وتُرِيِد ولِسانُك يقوُل ويشكِي ويبُوُحُ بِما ضاقَ بِهِ مكنُوُنُ صدرِك
للغيرِ تطلُبُ مِنهُم أن يأخُذوا بِيدِك ويُرشِدُوك ويضعُوا أقدامِك فِي أول الطرِيِق.
ولكِن فِي واقِعِ الأمرِ و فِي أعماقِك أنت تعرِفُ الطرِيِق
فالحلالُ بيِنٌ و الحرامُ بيِنٌ وسِلعةُ اللهِ غالِيةٌ لا تُطلبُ وتُجنَي بالتمنِي والتحسُر.
ولكِنهَا تأتِي بجهادِ و قهرِ النفسُ تِلكَ الأمارةُ بالسوءِ..
وما لديكَ غيرَ هذَا مِن مسلكٍ و طرِيِقٍ.
فالخيرُ بِفضلِ الله داخِلِك والنِيةُ تستجدِيِك وتستعطِفُك ويبقَي العملُ الذَيِ يُصدِقُ
العزمَ والمُبتغَي والنِيةُ.
وإليكُم الطرِيِق يا من تتسائلوُن كيف نعُوُدُ و نتُوُبُ
استيقِظ مِن سُباتِكَ العمِيِق وتتحرك سرِيعاً
تطهَر وانفُض عن نفسِك وقلبِكَ الأدرانُ والأمراضُ والصدأ
حتَي ترَي جمالَ الطُهرِ والتقوي..
تِلكَ الماسةُ التِي تُشِعُ النُور والضياء والطُمئنِينةُ
فِي باطِنِك وظاهِرِك تستشعِرُهَا ويلمعُ ويتلئلء برِيِقهَا صفاءً ونقاءً,
فتأبي أن تبِيِعهَا بِكُلُ الدنيا وكُنُوزُهَا ومُغرياتِهَا ومتاعِهَا الغرُوُرُ, فكُلُ هذَا لا يزِنُ
مثقالَ ذرةٍ إن نجوتَ بِنفسِك وعُدتَ إلي ربِك وتقبلَك بَل و فرِحَ بِعودتِك..
سبحانه و تعالَي.
هذَا الكرِيِمُ الذِي ستركَ وأمهلكَ قد فرِح بِرجوعِك إليه فلا ملجأ ولا فِرارَ إلا إليهِ
هُو الغنِيُ عنك وعن عبادِهِ ونحنُ الفُقراءُ إليهِ, سُبحانهُ و تعَالَي.
لا تسألُ كيف و متَي و لِماذَا بدأت ؟
وإنما انظُر لنفسِك ولِحالِك وقُل كيف انتهيت
وإلي أين ستتمادَي و تصِل فِي ضياعِكَ
وضلالِك وغيِك.
قال تعالي {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماًحَكِيماً (17)
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ
أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} النساء
اذكُر ما شئتَ مِن أسبابٍ وسمِي ما شِئت مِن أسماءٍ
كانوا هُم من أضاعُوُك وقذفوا بِك فِي وحلِ الرذِيلةِ ومُستنقعٍ الرُخصِ والإمتِهان
وأياً كانتِ الأسماءُ والأسبابُ والمُسبِباتٍ فإنك لن ترَي إلا شياطِيِنُ إنسٍ وأولِياءُ
شيطانٍ رجِيِمٍ أقسم بعِزةِ خالِقِه أن يغوِيك ويُضِلك
وهَا أنت تُحقِقُ لهُ رِسالتهُ ومُرادهُ ..
فتكُوُن أنت وهُو سواءٌ فِي نارِ جهنَمَ, والعياذُ بالله.
أولِياءُ الشيطانِ وأعوانُه يُسوِفُون ويُذكِرونَك بأن اللهُ غفُوُرٌ رحِيِم وتناسوا أن يُذكِرُوكَ
بأنهُ جلَ جلالُهُ شدِيِدُ العِقاب وأنهُ يُملِيِ ويُمهِلُ ولا يُهمِل
وأن الموتُ أقربُ إلينَا مِن أنفاسِنَا وأننا لمُحاسبُوُن ومُسائلُوُن.
قال تعالي: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ
ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )الجمعة
اطرد كُل ما يُحرِضُك علي هذَا الوزرُ مِن أشخاصٍ وأشياءٍ
وابحث عن كُلِ يأخُذ بيدك وتقرب وهروِل إلي الله واعلم أنهُ يُهروِلُ ويتقربُ إليك
أكثر مِنك سُبحانهُ الغفُوُرُ الودُوُدُ
فقد جاء في الحديث القدسي :
( يقولُ الله تعالى:
أنَا عِند ظَن عبدِي بِي ، وأنا معَه إذا ذكرنِي
فإن ذكرَنِي في نفسِهِ ذكرتُه فِي نفسِيِ
وإن ذكَرنِي في مَلأ ذكرتُه فِي ملأ خَير مِنهم
وإن تقَرَب إلي شِبراً تقربتُ إليهِ ذراعاً ، وإن تقَربَ إلي ذِراعاً تقربتُ إليهِ بَاعاً
وإن أتانِي يمشِي أتيتُه هَرولةً ) رواه البخاري
فا لرُجُوُعُ إلي اللهِ هُو بدايةُ الغيثِ الذِي لا يُمسَكُ ولا ينقطِع هُو تِلكَ الأرضُ الخصبةُ
التِي نزرعُ فِيِهَا وتأتِي أكلها و حصادِهَا بإذنِ ربِهَا
ويُرِيِنا الله بكرمِهِ وفضلِهِ بشائِرُ هذَا الحصاد وهذَا النُوُرُ فِي محيانَا قبلَ مماتِنَا.
تذلَل لخالِقِك وادعُوهُ أن يُثبِتكَ و يُعِيِنُك واملء أوقاتِك
بِكُلِ ما يُقرِبُك إلي المولي عز وجل مِن قولٍ وفعلٍ وعملٍ
وقُل إنكَ كُنتَ ميتَاً مُتعثِر الخُطي فِي الظُلماتِ..
فأحياك الله و جعَل لكَ نُوُراً تمشِيِ بِهِ فِي الناسِ
قال تعالي: ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً
يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا
كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
كُن علي يقِيِن أن المولي عز وجل يغفِرُ الذنوب جمِيِعاً
مهما بلغَت ومهمَا عظُمَت فلا يأسَ ولا قُنُوطَ مِن رحمةِ الله.
وقد جاء الحدِيث القدسي
( ابن آدم خلقتُك بيدِي وربيتُك بِنعمتِي وأنتَ تُخالفنِي
وتعصَانِي فإذا رجِعت إلى تُبتُ عَليك فمِن أينَ تجِدُ إلهاً مِثليِ وأنا الغفورُ الرحِيم.
إن أخلصتَ النِيةُ و واجهتُ حقِيِقتكَ المؤلِمةُ وعاقِبتُك الوخِيِمةُ
عِندها وعِندهَا فقط ستلفُظُ حقارةُ ودنائةُ ورُخصَ الذنبِ الذَي كُنتُ مُصِراً عليه
ستُهروِلُ إلي ربِك نادِماً باكِياً فرحاً وحُزناً علي ما أسلفت وفرطت
فِي جنبِ الله..
وجِلٌ قلبُك كارِهَاً لِماضِيِ رخِيِصٌ لم تجنِيِ مِنهُ إلا المهانةُ و الذُلُ و الأوزارُ..
وأنهِي قولِيِ كما بدأتُ..وأقُوُل لكُلِ من حملَ نفسهُ مِن الأوزارِ ما لا يقوَي حملُهُ
جاهِد نفسَك الأمارةُ بالسوءِ كبِلهَا وأسِرهَا و أكبِح جِماحُهَا
بِكُلِ ما أوتِيِت مِن قوةٍ وعزمٍ
فهذَا هُو طوقُ النجاةِ والغوثُ وهذَا هُو طرِيِق التوبةِ الذِي لا تفتأ تسألُ
كيفَ السبِيِلُ إليهِ وكيفَ ألِجُ مِنهُ.
و دائِماً أذكِرُ نفسِي وإياكُم أحبتِي فِي الله بقولِهِ تعالَي:
(وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) العنكبوت
سبحانك اللهم وبِحمدِك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفِرُك وأتُوُبُ إليك
وسقطتَ تِلكَ الهِممُ العالِيةِوالقاماتُ الشامِخةُ..
سقطت ومُرغَت تحتَ أرجُلِ ذنبٍ ومعصِيةٍ اعتادُوا عليهَا وأدمنُوُهَا..
تلذذوا بحلاوةِ جُرمِهَا وزينَ لهمُ الشيطانُ قُبحهَا وحقارتُهَا.
فعمِيتُ الأبصارُ والبصِيِرةُ وما كان مِنهُم إلا أن تمادوا وذهبُوا إلي أبعدِ الحدُوُدِ
بحثاًعن المزِيِد مِن مُتعةٍ تجُرُ المهالِك و ويلاتُ الدنيا قبلَ الأخِرة.
فتحولت تِلكَ الفِطرةُ السلِيِمةُ النقِيةُ والنُفُوُس الطاهِرةُ البرِيئةُ
تحولت إلي أنعامٍ بَل هُم أضلُ سبِيِلاً.
ترَي القُوةَ والسعادةُ فِي ظاهِرِهِم وفِي أعماقِهِم هُم يبكُوُن وينتحِبُون ذُلاً
وإنكِساراً ورفضا ً لأسرِ معصِيةُ
كانَت هِي السيِدُ وهُم لهَا الخُدامُ و العبِيِد.
إلا أنهُ و للهِ الحمدُ نَرَي فِي البعضِ مِنهُم بِذرةَ الخير والصلاح..
والنفسُ التِي تأبي القُبح
والخبِيِث ويُراوِدُهَا حُلُمُ اليومُ الذِي تسمُوا فِيِهِ وتطهُر.
وهذَا ليس مظهراً يتظاهرُون بِهِ..
بل هِي حقِيقةُ أعماقِهِم التِي عُذِبت وجُلِدت بِسياطِ هذَا الإثمُ ..
وسألت المولَي عز وجلَ أن يهدِيهَا ويجتبِيِهَا..
هُم يشعُرُوُن بوضاعةِ ودنائةِ ورُخصِ أفعالِهِم..
ويصرُخُوُن فِي أعماقِهِم
نُرِيِدُ التوبةَ والرُجُوُعِ إلي الله
ولكِن أينَ الطرِيِقُ وكيفَ السبِيِل ؟
فهذِهِ الرذِيلةُ وهذِهِ المعصِيةُ دِماءٌ تسِرِي فِي عروُقِهِم يملؤون ويُشبِعُوُن بِها الغرائِز
والشهواتِ ولا يقوُلُ لهُم شيطانُهُم إلا هل مِن مزِيِدٍ.
وأقُوُل لأحبتِي فِي الله هؤلاء مِمن حُرقوا بِنارِ هذَا الجرم وحاروا فِي أمرِهِم
وفِي دُنياهُم ويسألوُن كيف أتوُب عن هذَهِ المعصِيةِ؟
أقُوُلُ أن مِن رحمِةِ وكرمِ المولي عز وجل عليكَ..
أن لم يُطبَعُ علي قلبِك وسمعِك ويجعلُ علَي عينِك غِشاوةٌ..
فتفقِدُ الإحساس بِجُرمِ وعظِيِمِ ما أنتَ فِيِه وتكُوُن ممن هُم فِي غيِهِم
وفِي الضلالِ يعمهُوُن.
أنتَ ما عُدتُ تقوَي هذَا الذنب ومُستعِدٌ أن تبذِل الغالِي والنفِيِسُ حتَي تطهُر
ويشفَي قلبُك وتطمئِنُ نفسُك
تشتاقُ أن تسجُد لِربِك طاهِراً نقِياً تُناجِيِهِ وتدعُوُه أن يعفوا عنك ويستُركَ ويرحَمَك
وأنت ذلِك الذِي جاهدتَ نفسكَ وحرمتهَا مِن مُتعٍ مُحرمةٍ ابتغاءً لِرضَي و رحمةِ ربِك.
تخافُ انتقام الذِي لا تأخُذُهُ سِنةٌ و لا نومٌ وتخشي عذابهُ وسُوء المُنقلبِ
نفسُك تُرِيدُ وتُرِيِد ولِسانُك يقوُل ويشكِي ويبُوُحُ بِما ضاقَ بِهِ مكنُوُنُ صدرِك
للغيرِ تطلُبُ مِنهُم أن يأخُذوا بِيدِك ويُرشِدُوك ويضعُوا أقدامِك فِي أول الطرِيِق.
ولكِن فِي واقِعِ الأمرِ و فِي أعماقِك أنت تعرِفُ الطرِيِق
فالحلالُ بيِنٌ و الحرامُ بيِنٌ وسِلعةُ اللهِ غالِيةٌ لا تُطلبُ وتُجنَي بالتمنِي والتحسُر.
ولكِنهَا تأتِي بجهادِ و قهرِ النفسُ تِلكَ الأمارةُ بالسوءِ..
وما لديكَ غيرَ هذَا مِن مسلكٍ و طرِيِقٍ.
فالخيرُ بِفضلِ الله داخِلِك والنِيةُ تستجدِيِك وتستعطِفُك ويبقَي العملُ الذَيِ يُصدِقُ
العزمَ والمُبتغَي والنِيةُ.
وإليكُم الطرِيِق يا من تتسائلوُن كيف نعُوُدُ و نتُوُبُ
استيقِظ مِن سُباتِكَ العمِيِق وتتحرك سرِيعاً
تطهَر وانفُض عن نفسِك وقلبِكَ الأدرانُ والأمراضُ والصدأ
حتَي ترَي جمالَ الطُهرِ والتقوي..
تِلكَ الماسةُ التِي تُشِعُ النُور والضياء والطُمئنِينةُ
فِي باطِنِك وظاهِرِك تستشعِرُهَا ويلمعُ ويتلئلء برِيِقهَا صفاءً ونقاءً,
فتأبي أن تبِيِعهَا بِكُلُ الدنيا وكُنُوزُهَا ومُغرياتِهَا ومتاعِهَا الغرُوُرُ, فكُلُ هذَا لا يزِنُ
مثقالَ ذرةٍ إن نجوتَ بِنفسِك وعُدتَ إلي ربِك وتقبلَك بَل و فرِحَ بِعودتِك..
سبحانه و تعالَي.
هذَا الكرِيِمُ الذِي ستركَ وأمهلكَ قد فرِح بِرجوعِك إليه فلا ملجأ ولا فِرارَ إلا إليهِ
هُو الغنِيُ عنك وعن عبادِهِ ونحنُ الفُقراءُ إليهِ, سُبحانهُ و تعَالَي.
لا تسألُ كيف و متَي و لِماذَا بدأت ؟
وإنما انظُر لنفسِك ولِحالِك وقُل كيف انتهيت
وإلي أين ستتمادَي و تصِل فِي ضياعِكَ
وضلالِك وغيِك.
قال تعالي {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماًحَكِيماً (17)
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ
أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} النساء
اذكُر ما شئتَ مِن أسبابٍ وسمِي ما شِئت مِن أسماءٍ
كانوا هُم من أضاعُوُك وقذفوا بِك فِي وحلِ الرذِيلةِ ومُستنقعٍ الرُخصِ والإمتِهان
وأياً كانتِ الأسماءُ والأسبابُ والمُسبِباتٍ فإنك لن ترَي إلا شياطِيِنُ إنسٍ وأولِياءُ
شيطانٍ رجِيِمٍ أقسم بعِزةِ خالِقِه أن يغوِيك ويُضِلك
وهَا أنت تُحقِقُ لهُ رِسالتهُ ومُرادهُ ..
فتكُوُن أنت وهُو سواءٌ فِي نارِ جهنَمَ, والعياذُ بالله.
أولِياءُ الشيطانِ وأعوانُه يُسوِفُون ويُذكِرونَك بأن اللهُ غفُوُرٌ رحِيِم وتناسوا أن يُذكِرُوكَ
بأنهُ جلَ جلالُهُ شدِيِدُ العِقاب وأنهُ يُملِيِ ويُمهِلُ ولا يُهمِل
وأن الموتُ أقربُ إلينَا مِن أنفاسِنَا وأننا لمُحاسبُوُن ومُسائلُوُن.
قال تعالي: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ
ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )الجمعة
اطرد كُل ما يُحرِضُك علي هذَا الوزرُ مِن أشخاصٍ وأشياءٍ
وابحث عن كُلِ يأخُذ بيدك وتقرب وهروِل إلي الله واعلم أنهُ يُهروِلُ ويتقربُ إليك
أكثر مِنك سُبحانهُ الغفُوُرُ الودُوُدُ
فقد جاء في الحديث القدسي :
( يقولُ الله تعالى:
أنَا عِند ظَن عبدِي بِي ، وأنا معَه إذا ذكرنِي
فإن ذكرَنِي في نفسِهِ ذكرتُه فِي نفسِيِ
وإن ذكَرنِي في مَلأ ذكرتُه فِي ملأ خَير مِنهم
وإن تقَرَب إلي شِبراً تقربتُ إليهِ ذراعاً ، وإن تقَربَ إلي ذِراعاً تقربتُ إليهِ بَاعاً
وإن أتانِي يمشِي أتيتُه هَرولةً ) رواه البخاري
فا لرُجُوُعُ إلي اللهِ هُو بدايةُ الغيثِ الذِي لا يُمسَكُ ولا ينقطِع هُو تِلكَ الأرضُ الخصبةُ
التِي نزرعُ فِيِهَا وتأتِي أكلها و حصادِهَا بإذنِ ربِهَا
ويُرِيِنا الله بكرمِهِ وفضلِهِ بشائِرُ هذَا الحصاد وهذَا النُوُرُ فِي محيانَا قبلَ مماتِنَا.
تذلَل لخالِقِك وادعُوهُ أن يُثبِتكَ و يُعِيِنُك واملء أوقاتِك
بِكُلِ ما يُقرِبُك إلي المولي عز وجل مِن قولٍ وفعلٍ وعملٍ
وقُل إنكَ كُنتَ ميتَاً مُتعثِر الخُطي فِي الظُلماتِ..
فأحياك الله و جعَل لكَ نُوُراً تمشِيِ بِهِ فِي الناسِ
قال تعالي: ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً
يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا
كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
كُن علي يقِيِن أن المولي عز وجل يغفِرُ الذنوب جمِيِعاً
مهما بلغَت ومهمَا عظُمَت فلا يأسَ ولا قُنُوطَ مِن رحمةِ الله.
وقد جاء الحدِيث القدسي
( ابن آدم خلقتُك بيدِي وربيتُك بِنعمتِي وأنتَ تُخالفنِي
وتعصَانِي فإذا رجِعت إلى تُبتُ عَليك فمِن أينَ تجِدُ إلهاً مِثليِ وأنا الغفورُ الرحِيم.
إن أخلصتَ النِيةُ و واجهتُ حقِيِقتكَ المؤلِمةُ وعاقِبتُك الوخِيِمةُ
عِندها وعِندهَا فقط ستلفُظُ حقارةُ ودنائةُ ورُخصَ الذنبِ الذَي كُنتُ مُصِراً عليه
ستُهروِلُ إلي ربِك نادِماً باكِياً فرحاً وحُزناً علي ما أسلفت وفرطت
فِي جنبِ الله..
وجِلٌ قلبُك كارِهَاً لِماضِيِ رخِيِصٌ لم تجنِيِ مِنهُ إلا المهانةُ و الذُلُ و الأوزارُ..
وأنهِي قولِيِ كما بدأتُ..وأقُوُل لكُلِ من حملَ نفسهُ مِن الأوزارِ ما لا يقوَي حملُهُ
جاهِد نفسَك الأمارةُ بالسوءِ كبِلهَا وأسِرهَا و أكبِح جِماحُهَا
بِكُلِ ما أوتِيِت مِن قوةٍ وعزمٍ
فهذَا هُو طوقُ النجاةِ والغوثُ وهذَا هُو طرِيِق التوبةِ الذِي لا تفتأ تسألُ
كيفَ السبِيِلُ إليهِ وكيفَ ألِجُ مِنهُ.
و دائِماً أذكِرُ نفسِي وإياكُم أحبتِي فِي الله بقولِهِ تعالَي:
(وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) العنكبوت
سبحانك اللهم وبِحمدِك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفِرُك وأتُوُبُ إليك