بسم الله الرحمن الرحيم
إن الله سبحانه وتعالى فرض فرائض لا يجوز تضييعها وحد حدودا لا يجوز تعديها و حرم أشياء لا يجوز انتهاكها
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أحل الله في كتابه فهو حلال، و ماحرم فهو حرام ،
و ماسكت عنه فهو عافية فقبلوا من الله العافية فإن الله لم يكن نسيا ثم تلا هذه الآية ( و ماكان ربك نسيا )
و المحرمات هي حدود الله عز وجل : ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) البقرة 187 و قد هدد الله من يتعدى حدوده و ينتهك فقال سبحانه : ( و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها و له عذاب مهين ) النساء 14
و في ايامنا هذه انتشرت بعض المحرمات بين الناس و صارت ممارسات يومية يقومون بها من غير حرج اما جهلا بتحريمها او تناسيا لذلك
و من اعظم المحرمات
الشرك بالله :
قد يقول قائل كل الناس تعرف ان الشرك بالله حرام و يخلد صاحبه في نار جهنم كيف يستهينون
بها و أقول الشرك بالله له مظاهر متعددة ليس فقط كعبادة الأصنام و من بين مظاهره :
عبادة القبور :
و اعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات و يفرجون الكربات و الإستعانة و الإستغاثة بهم و الله سبحانه و تعالى يقول : ( و قضى ربك الا تعبدو إلا إياه ) سورة الإسراء 23
و كذلك دعاء الموتى من الأنبياء و الصالحين أو غيرهم للشفاعة أو للتخليص من الشدائد و الله يقول : ( أمن يجيب المظطر إذا دعاه و يكشف السوء و يجعلكم خلفاء الارض أإله مع الله ) النمل
62 و بعضهم يتخذ ذكر اسم الشيخ أو الولي عادته و دينه إذا قام وإن قعد و إن عثر و كلما وقع في ورطة أو مصيبة او كربة ، فهذا يقول : يامحمد و هذا يقول: يا علي و هذا يقول : يا حسين يا جيلاني ياشاذلي يا ..... و الله يقول : ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ) سورة الأعراف 194
و بعض عباد القبور يطوفون بها و يستلمون اركانها و يتمسحون بها ويقبلون أعتابها و يعفرون و جوههم في تربتها و يسجدون لها و يقفون أمامها خاشعين متتذللين سائلين مطالبهم و حاجاتهمو الله سبحان و تعالى يقول : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة و هم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف 5 و قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات و هو يدعو من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري
ومن مظاهر الشرك بالله
الإعتقاد في تأثير النجوم و الكواكب في الحوادث و في حياة الناس :
عن زيد بن خالد الجهني قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية
على أثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف اقبل على الناس فقال : ( هل تدرون ماذا قال ربكم؟)
قالو : الله و رسوله أعلم قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي و كافر ، فأما المؤمن قال مطرنا بفضل
الله و رحمته فذلك مؤمن بي و كافر بالكوكب ، و اما من قال بنوء كذا و كذا فذلك كافر بي و مؤمن
بالكوكب ) رواه البخاري
و من ذلك اللجوء إلى ابراج الحظ في الجرائد و المجلات فإن اعتقد ما فيها من أثر النجوم و الأفلاك
فهو مشرك و إن قرأها تسلية فهو عاص آثم، لأنه لا يجوز التسلي بقراءة الشرك بالإضافة لما قد
يلقي الشيطان في نفسه من الإعتقاد بها فتكون وسيلة للشرك
و من الشرك اعتقاد النفع في اشياء لم يجعلها الخالق عزو جل كذلك :
كما يعتقد بعضهم في التمائم و العزائم الشركية و انواع نم الخرز أو الودع أو الحلق المعدنية
و غيرها بناء على اعتقاد متوارث فيعلقونها في رقابهم او على أولادهم لدفع العين بزعمهم
و هذا حرام لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من علق تميمة فقد أشرك ) رواه أحمد
ومن مظاهر الشرك ايضا الرياء بالعبادات :
من شروط العمل الصالح ان يكون خالصا من الرياء مقيدا بالسنة و الذي يقوم بعبادة ليراه الناس
فهو مشرك شرك اصغر و عمله حابط كمن صلى ليراه الناس قال الله تعالى : ( إن المنافقين
يخادعون الله و هو خادعهم و إذا قامو إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا
قليلا ) النساء 143
و قد ورد الوعيد لمن يعمل الصالحات رياءا وليس لوجه الله كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله
عنهما مرفوعا : ( من سمع سمع الله به و من راءى راءى الله به ) رواه مسلم
ومن عمل عبادة قصد بها الله و الناس في نفس الوقت فعمله حابط كما جاء في الحديث القدسي
( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته و شركه ) رواه مسلم
ومن مظاهر الشرك أيضا الطيرة :
و هي التشاؤم قال تعالى : ( فإذا جائتهم الحسنة قالوا لنا هذه و إن تصبهم سيئة يطيروا
بموسى و من معه ) الأعراف 131
و كانت العرب إذا أراد أحدهم أمرا كسف و غيره أمسك بطائر ثم ارسله فإن ذهب يمينا تفاءل و
مضى في أمره و إن ذهب شمالا تشائم و رجع عما أراد و قد بين النبي صلى الله عليه وسلم
حكم هذا العمل بقوله : ( الطيرة شرك ) رواه الإمام احمد
و قد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من المتطيرين فعن عمران بن حصين مرفوعا :
( ليس منا من تطير ولا تطير له ولا تكهن ولا تكهن له و أظنه قال أو سحر أو سحر له ) رواه
الطبراني . و من وقع في شيء من ذلك فكفارته ماجاء في حديث عبد الله بن عمرو قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك قالو يارسول الله
ماكفارة ذلك ؟ قال : أن يقول أحدهم : ( اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك و لا إله غيرك ) رواه
الإمام احمد
و من بين المظاهر الأكثر انتشارا للشرك الحلف بغير الله
فالله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته و أما المخلوقات فلا يجوز لها القسم بغير الله
و مما يجري على ألسنة الكثير من الناس الحلف بغير الله و الحلف نوع من التعظيم لا يليق إلا
بالله عن ابن عمر مرفوعا : ( ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو
ليصمت ) رواه البخاري و عن ابن عمر مرفوعا : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) رواه الإمام احمد
و قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حلف بالأمانة فليس منا ) رواه أبو داود
فلا يجوز الحلف بالكعبة ولا بالأمانة و لا بالشرف ولا بالعون ولا بحياة فلان ولا بحياة النبي و من وقع
في هذا فكفارته أن يقول كما في الحديث الصحيح : ( من حلف فقال في حلفه باللات و العزى
فليقل لا إله إلا الله ) رواه البخاري
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك و أنا اعلم و استغفرك لما لا أعلم
وصلي اللهم وبارك على حبيبنا و نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين